البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{أُوْلَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ لَهُمۡ سُوٓءُ ٱلۡعَذَابِ وَهُمۡ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ هُمُ ٱلۡأَخۡسَرُونَ} (5)

{ أولئك } : إشارة إلى منكري البعث ، و { سوء العذاب } : الظاهر أنه ليس مقيداً بالدنيا ، بل لهم ذلك في الدنيا والآخرة .

وقيل : المعنى في الدنيا ، وفسر بما نالهم يوم بدر من القتل والأسر والنهب .

وقيل : ما ينالونه عند الموت وما بعده من عذاب القبر .

وسوء العذاب : شدته وعظمه .

والظاهر أن { الأخسرون } أفعل التفضيل ، وذلك أن الكافر خسر الدنيا والآخرة ، كما أخبر عنه تعالى ، وهو في الآخرة أكثر خسراناً ، إذ مآله إلى عقاب دائم .

وأما في الدنيا ، فإذا أصابه بلاء ، فقد يزول عنه وينكشف .

فكثرة الخسران وزيادته ، إنما ذلك له في الآخرة ، وقد ترتب الأكثرية ، وإن كان المسند إليه واحداً بالنسبة إلى الزمان والمكان ، أو الهيئة ، أو غير ذلك مما يقبل الزيادة .

وقال الكرماني : أفعل هنا للمبالغة لا للشركة ، كأنه يقول : ليس للمؤمن خسران ألبتة حتى يشركه فيه الكافر ويزيد عليه ، وقد بينا كيفية الاشتراك بالنسبة إلى الدنيا والآخرة .

وقال ابن عطية : والأخسرون جمع أخسر ، لأن أفعل صفة لا يجمع إلا أن يضاف ، فتقوى رتبته في الأسماء ، وفي هذا نظر . انتهى .

ولا نظر في كونه يجمع جمع سلامة وجمع تكسير .

إذا كان بأل ، بل لا يجوز فيه إلا ذلك ، إذا كان قبله ما يطابقه في الجمعية فيقول : الزيدون هم الأفضلون ، والأفاضل ، والهندات هنّ الفضليات والفضل .

وأما قوله : لا يجمع إلا أن يضاف ، فلا يتعين إذ ذاك جمعه ، بل إذا أضيف إلى نكرة فلا يجوز جمعه ، وإن أضيف إلى معرفة جاز فيه الجمع والإفراد على ما قرر ذلك في كتب النحو .

ولما تقدم : { تلك آيات القرآن } ،