روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{أُوْلَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ لَهُمۡ سُوٓءُ ٱلۡعَذَابِ وَهُمۡ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ هُمُ ٱلۡأَخۡسَرُونَ} (5)

{ أولئك } إشارة إلى المذكورين الموصوفين بالكفر والعمه وهو مبتدأ خبره { الذين لَهُمْ سُوء العذاب } يحتمل أن يكون المراد لهم ذلك في الدنيا بأن يقتلوا أو يؤسروا أو تشدد عليهم سكرات الموت لقوله تعالى : { وَهُمْ فِى الآخرة هُمُ الاخسرون } ويحتمل أن يكون المراد لهم ذلك في الدارين وهو الذي استظهره أبو حيان ويكون قوله تعالى : { وَهُمْ } الخ لبيان أن ما في الآخرة أعظم العذابين بناءً على أن { الاخسرين } أفعل تفضيل ، والتفضيل باعتبار حاليهم في الدارين أي هم في الآخرة أخسر منهم في الدنيا لا غيرهم كما يدل عليه تعريف الجزأين على معنى أن خسرانهم في الآخرة أعظم من خسرانهم في الدنيا من حيث أن عذابهم في الآخرة غير منقطع أصلاً وعذابهم في الدنيا منقطع ولا كذلك غيرهم من عصاة المؤمنين لأن خسرانهم في الآخرة ليس أعظم من خسرانهم في الدنيا من هذه الحيثية فإن عذابهم في الآخرة ينقطع ويعقبه نعيم الأبد حتى يكادوا لا يخطر ببالهم أنهم عذبوا كذا قيل .

وقال بعضهم : إن التفضيل باعتبار ما في الآخرة أي هم في الآخرة أشد الناس خسراناً لا غيرهم لحرمانهم الثواب واستمرارهم في العقاب بخلاف عصاة المؤمنين ، ويلزم من ذلك كون عذابهم في الآخرة أعظم من عذابهم في الدنيا ويكفي هذا في البيان ، وقال الكرماني : إن أفعل هنا للمبالغة لا للشركة ، قال أبو حيان : كأنه يقول : ليس للمؤمن خسران البتة حتى يشركه فيه الكافر ويزيد عليه ولم يتفظن لكون المراد أن خسران الكافر في الآخرة أشد من خسرانه في الدنيا فالاشتراك الذي يدل عليه أفعل إنما هو بين ما في الآخرة وما في الدنيا اه كلامه . وكأنه يسلم أن ليس للمؤمن خسران البتة وفيه بحث لا يخفى ، وتقديم { فِى الآخرة } إما للفاصلة أو للحصر .