ثم سلى الله - تعالى - نبيه صلى الله عليه وسلم عما أصابه من أعدائه فقال : { فَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ البلاغ المبين } .
وجواب الشرط محذوف ، والتقدير : فإن استمر هؤلاء المشركون في إعراضهم عن دعوتك بعد هذا البيان والامتنان ، فلا لوم عليك ، فأنت عليك البلاغ الواضح ، ونحن علينا محاسبتهم ، ومعاقبتهم بما يستحقون من عقاب .
القول في تأويل قوله تعالى : { فَإِن تَوَلّوْاْ فَإِنّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ الْمُبِينُ * يَعْرِفُونَ نِعْمَةَ اللّهِ ثُمّ يُنكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ } .
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : فإن أدبر هؤلاء المشركون يا محمد عما أرسلتك به إليهم من الحقّ ، فلم يستجيبوا لك وأعرضوا عنه ، فما عليك من لوم ولا عذل ؛ لأنك قد أدّيت ما عليك في ذلك ، إنه ليس عليك إلاّ بلاغهم ما أرسلت به . ويعني بقوله المُبِينُ : الذي يبين لمن سمعه حتى يفهمه .
تفريع على جملة { لعلكم تسلمون } [ سورة النحل : 81 ] وقع اعتراضاً بين جملة { كذلك يتم نعمته عليكم } [ سورة النحل : 81 ] وجملة { ويوم نبعث من كل أمة شهيداً } [ سورة النحل : 84 ] .
وقد حوّل الخطاب عنهم إلى خطاب النبي وهو نوع من الالتفات فيه التفات من أسلوب إلى أسلوب والتفات عمّن كان الكلام موجّهاً إليه بتوجيه الكلام إلى شخص آخر .
والمعنى : كذلك يتمّ نعمته عليكم لتسلموا فإن لم يُسلموا فإنما عليك البلاغ .
والمقصود : تسلية النبي على عدم استجابتهم .
والتولّي : الإعراض . وفعل { تولوا } هنا بصيغة الماضي ، أي فإن أعرضوا عن الدعوة فلا تقصير منك ولا غضاضة عليك فإنك قد بلّغت البلاغ المبين للمحجّة .
والقصر إضافي ، أي ما عليك إلا البلاغ لا تقليب قلوبهم إلى الإسلام ، أو لا تولى جزاءهم على الإعراض ، بل علينا جزاؤهم كقوله تعالى : { فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب } [ سورة الرعد : 40 ] .
وجَعْل هذا جواباً لجملة { فإن تولوا } من إقامة السبب والعلّة مقام المسبّب والمعلُول : وتقدير الكلام : فإن تولّوا فلا تقصير ولا مؤاخذة عليك لأنك ما عليك إلا البلاغ . ونظير هذه قوله تعالى : { وأطيعوا الله وأطيعو الرسول واحذروا فإن تولّيتم فاعلموا أنما على رسولنا البلاغ المبين } [ سورة المائدة : 92 ] .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.