فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{فَإِن تَوَلَّوۡاْ فَإِنَّمَا عَلَيۡكَ ٱلۡبَلَٰغُ ٱلۡمُبِينُ} (82)

{ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ الْمُبِينُ ( 82 ) } .

{ فَإِن تَوَلَّوْاْ } ، أي : أعرضوا عن الإسلام ولم يقبلوا ما جئت به فقد تمهد عذرك ، وفيه التفات ، وجواب الشرط محذوف ، أي : فلا لوم عليك ، وهذا تسلية له صلى الله عليه وآله وسلم ، والتعبير بالتولي إشارة إلى أن الأصل فطرة الإسلام ، وخلافها عارض متجدد ، والمعنى : إن داموا على التولي لظهور توليهم .

{ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ } ، لما أرسلت به إليهم ، وقد فعلت ذلك بهم ، { الْمُبِينُ } ، أي : الواضح ، وليس عليك غير ذلك ، وصرف الخطاب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تسلية له ، وهذا قبل الأمر بالقتال ، فتكون الآية منسوخة الحكم ، وهو لا يظهر إلا لو قدر جواب الشرط " فأعرض عنهم ولا تقاتلهم " ، مع أن أكثر المفسرين قدروه بقولهم : فلا عتب عليك ولا مؤاخذة في عدم إيمانهم ؛ لأنك بلغت ما أمرت بتبليغه ، وهدايتهم من الله لا إليك ، وهذا لا ينافي أن يكون مأمورا بقتالهم .