معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{مُّطَاعٖ ثَمَّ أَمِينٖ} (21)

{ مطاع ثم } أي في السماوات تطيعه الملائكة ، ومن طاعة الملائكة إياه أنهم فتحوا أبواب السماوات ليلة المعراج بقوله لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفتح خزنة الجنة أبوابها بقوله ، { أمين } على وحي الله ورسالته إلى أنبيائه .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{مُّطَاعٖ ثَمَّ أَمِينٖ} (21)

القول في تأويل قوله تعالى : { مّطَاعٍ ثَمّ أَمِينٍ * وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ * وَلَقَدْ رَآهُ بِالاُفُقِ الْمُبِينِ * وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ * وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رّجِيمٍ * فَأيْنَ تَذْهَبُونَ } .

يقول تعالى ذكره : مُطاعٍ ثَمّ يعني جبريل صلى الله عليه وسلم ، مطاع في السماء تطيعه الملائكة أمِينٍ يقول : أمين عند الله على وحيه ورسالته ، وغير ذلك مما ائتمنه عليه . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني أبو السائب ، قال : حدثنا عمر بن شبيب المسلي ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن أبي صالح : مُطاعٍ ثَمّ أمِينٍ قال : جبريل عليه السلام ، أمين على أن يدخل سبعين سُرادقا من نور بغير إذن .

حدثنا محمد بن منصور الطوسيّ ، قال : حدثنا عمر بن شبيب ، قال : حدثنا إسماعيل بن أبي خالد ، قال : لا أعلمه إلا عن أبي صالح ، مثله .

حدثنا سليمان بن عمر بن خالد الأقطع ، قال : ثني أبي عمر بن خالد ، عن معقل بن عبيد الله الجَزَريّ ، قال : قال ميمون بن مهْران في قوله : مُطاعٍ ثَمّ أمِينٍ قال : ذاكم جبريل عليه السلام .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، في قوله : ذِي قُوّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ مُطاعٍ ثَمّ أمِينٍ قال : يعني جبريل .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : ذِي قُوّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ مُطاعٍ مطاع عند الله ثَمّ أمِينٍ .

حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : حدثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : مُطّاعٍ ثَمّ أمِينٍ يعني جبريل عليه السلام .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{مُّطَاعٖ ثَمَّ أَمِينٖ} (21)

الوصف الرابع : { مطاع } أن يطيعه من معه من الملائكة كما يطيع الجيش قائدهم ، أو النبي صلى الله عليه وسلم مطاع : أي مأمور الناسُ بطاعة ما يأمرهم به .

و { ثَمَّ } بفتح الثاء اسم إشارة إلى المكان ، والمشار إليه هو المكان المجازي الذي دلّ عليه قوله : { عند ذي العرش } فيجوز تعلق الظرف ب { مطاع } وهو أنسب لإجراء الوصف على جبريل ، أي مطاع في الملأ الأعلى فيما يأمر به الملائكة والنبي صلى الله عليه وسلم مطاعٌ في العالم العلوي ، أي مقرَّر عند الله أن يطاع فيما يأمر به .

ويجوز أن يتعلق ب { أمين } ، وتقديمه على متعلَّقه للاهتمام بذلك المكان ، فوصف جبريل به ظاهر أيضاً ، ووصف النبي صلى الله عليه وسلم به لأنه مقررةٌ أمانته في الملأ الأعلى .

والأمين : الذي يحفظ ما عُهد له به حتى يؤدّيه دون نقص ولا تغيير ، وهو فعيل إما بمعنى مفعول ، أي مأمون من أمنه على كذا . وعلى هذا يقال : امرأة أمين ، ولا يقال : أمينة ، وإما صِفة مشبهة من أمُن بضم الميم إذا صارت الأمانة سجيته ، وعلى هذا الوجه يقال : امرأة أمينة ، ومنه قول الفقهاء في المرأة المشتكية أضرار زوجها : يجعلان عند أمينة وأمين .