المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{فَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّنِ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبًا أَوۡ كَذَّبَ بِـَٔايَٰتِهِۦٓۚ إِنَّهُۥ لَا يُفۡلِحُ ٱلۡمُجۡرِمُونَ} (17)

17- ليس هناك أشد ظلماً لنفسه ممن كفر وافترى الكذب على الله ، أو كذب بآيات الله التي جاء بها رسوله . إنه لا ينجح الكافر في عمله ، وقد خسر خسراناً مبيناً بكفره ، ومغاضبته لله تعالى .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{فَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّنِ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبًا أَوۡ كَذَّبَ بِـَٔايَٰتِهِۦٓۚ إِنَّهُۥ لَا يُفۡلِحُ ٱلۡمُجۡرِمُونَ} (17)

قوله تعالى : { فمن أظلم ممن افترى على الله كذباً } ، فزعم أن له شريكا أو ولدا { أو كذب بآياته } ، بمحمد صلى الله عليه وسلم وبالقرآن ، { إنه لا يفلح المجرمون } ، لا ينجو المشركون .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّنِ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبًا أَوۡ كَذَّبَ بِـَٔايَٰتِهِۦٓۚ إِنَّهُۥ لَا يُفۡلِحُ ٱلۡمُجۡرِمُونَ} (17)

ثم ختم - سبحانه - الرد على هؤلاء الذين لا يرجون لقاءه ، بالحكم عليهم بعدم الفلاح فقال - تعالى - { فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افترى عَلَى الله كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ المجرمون } والاستفهام في قوله : { فَمَنْ أَظْلَمُ } للإِنكار والنفي .

أي : لا أحد أشد ظلما عند الله ، وأجدر بعقابه وغضبه ، ممن افترى عليه الكذب ، بأن نسب إليه - سبحانه - ما هو برئ منه ، أو كذب بآياته وحججه التي أنزلها لتأييد رسله .

وقوله : { إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ المجرمون } تذييل قصد به التهديد والوعيد .

أي : إن حال وشأن هؤلاء المجرمين ، أنهم لا يفلحون . ولا يصلون إلى ما يبغون ويريدون .

هذا ، وقد ساق الإِمام ابن كثير عند تفسيره لهذه الآيات بعض الشواهد الدالة على صدق النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما بلغه عن ربه عند تفسيره لهذه الآية : " لا أحد أشد ظلما ممن افترى على الله كذبا ، وتقول على الله ، وزعم أن الله أرسله ولم يكن كذلك . . ومثل هذا لا يخفى أمره على الأغبياء فكيف يشتبه حال هذا بالأنبياء . فإن من قال هذه المقالة صادقا أو كاذبا . فلابد أن الله ينصب من الأدلة على بره أو فجوره ما هو أظهر من الشمس . فإن الفرق بين محمد - صلى الله عليه وسلم وبين مسيلمة الكذاب لمن شاهدهما أظهر من الفرق بين وقت الضحى وبين نصف الليل في حندس الظلماء . فمن شيم كل منهما وأفعاله وكلامه يستدل من له بصيرة على صدق محمد - صلى الله عليه وسلم - وكذب مسيلمة . . "

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّنِ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبًا أَوۡ كَذَّبَ بِـَٔايَٰتِهِۦٓۚ إِنَّهُۥ لَا يُفۡلِحُ ٱلۡمُجۡرِمُونَ} (17)

لما قامت الحجة عليها بما لا قبل لهم بالتنصل منه أعقبت بالتفريع على افترائهم الكذب وذلك مما عرف من أحوالهم من اتخاذهم الشركاء له كما أشار إليه قوله : { ولقد أهلكنا القرون من قبلكم لما ظلموا } أي أشركوا إلى قوله : { لننظر كيف تعملون } [ يونس : 13 ، 14 ] وتكذيبهم بآيات الله في قولهم : { ائت بقرآن غير هذا أو بدّله } [ يونس : 15 ] . وفي ذلك أيضاً توجيه الكلام بصلاحيته لأن يكون إنصافاً بينه وبينهم إذ هم قد عرضوا بنسبته إلى الافتراء على الله حين قالوا : { ائت بقرآن غير هذا } [ يونس : 15 ] ، وصرحوا بنفي أن يكون القرآن من عند الله ، فلما أقام الحجة عليهم بأن ذلك من عند الله وأنه ما يكون له أن يأتي به من تلقاء نفسه فُرع عليه أن المفتري على الله كذباً والمكذبين بآياته كلاهما أظلم الناس لا أحد أظلم منهما ، وذلك من مجاراة الخصم ليعثر ، يخيل إليه من الكلام أنه إنصاف بينهما فإذا حصحص المعنى وُجد انصبابه على الخصم وحده .

والتفريع صالح للمعنيين ، وهو تفريع على ما تقدم قبله مما تضمن أنهم أشركوا بالله وكذبوا بالقرآن .

ومحل ( أو ) على الوجهين هو التقسيم ، وهو إما تقسم أحوال ، وإما تقسم أنواع .

والاستفهام إنكاري . والظلم : هنا بمعنى الاعتداء . وإنما كان أحد الأمرين أشد الظلم لأنه اعتداء على الخالق بالكذب عليه وبتكذيب آياته .

وجملة : { إنه لا يفلح المجرمون } تذييل ، وموقعه يقتضي شمول عمومه للمذكورين في الكلام المذيَّل ( بفتح التحتية ) فيقتضي أن أولئك مجرمون ، وأنهم لا يفلحون .

والفلاح تقدم في قوله تعالى : { وأولئك هم المفلحون } في سورة [ البقرة : 5 ] .

وتأكيد الجملة بحرف التأكيد ناظر إلى شمول عموم المجرمين للمخاطبين لأنهم ينكرون أن يكونوا من المجرمين .

وافتتاح الجملة بضمير الشأن لقصد الاهتمام بمضمونها .