اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{فَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّنِ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبًا أَوۡ كَذَّبَ بِـَٔايَٰتِهِۦٓۚ إِنَّهُۥ لَا يُفۡلِحُ ٱلۡمُجۡرِمُونَ} (17)

قوله تعالى : { فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افترى عَلَى الله كَذِباً } الآية .

قال القرطبي{[18349]} : " هذا استفهامٌ بمعنى الجحد ، أي : لا أحد أظلم ممَّن افترى على الله الكذب ، وبدّل وأضاف شيئاً إليه ممَّا لم ينزل " ، والمعنى : أنَّ هذا القرآن لوْ لَمْ يكُن من عند الله ، لما كان أحدٌ في الدُّنيا أظلم على نفسه منِّي ، حيث افتريتُه على الله ، ولمَّا أقمتُ الدَّليلَ على أنَّه ليس الأمر كذلك ، بل هُو وحيٌ من الله - تعالى - ، وجب أن يقال : إنَّه ليس في الدُّنيا أحد أجهل ، ولا أظلم على نفسه منكم .

والمقصود : نَفْي الكذب عن نفسه .

وقوله : " . . . أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ " فالمراد : إلحاق الوعيد الشديد بهم ؛ حيث أنكروا دلائل الله - تعالى - ، وكذَّبوا بآيات الله ، وبمحمد صلى الله عليه وسلم ، وبالقرآن ، ثم قال : " إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ المجرمون " أي : لا يَنْجُو المشركُون ، وهذا تأكيدٌ لما سبق من هذين الكلامين .


[18349]:ينظر: تفسير القرطبي 8/205.