فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{فَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّنِ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبًا أَوۡ كَذَّبَ بِـَٔايَٰتِهِۦٓۚ إِنَّهُۥ لَا يُفۡلِحُ ٱلۡمُجۡرِمُونَ} (17)

قوله : { فَمَنْ أَظْلَمُ } استفهام فيه معنى الجحد ، أي لا أحد أظلم { مِمَّنِ افترى عَلَى الله } الكذب ، وزيادة { كَذِبًا } مع أن الافتراء لا يكون إلا كذباً لبيان أن هذا مع كونه افتراء على الله هو كذب في نفسه ، فربما يكون الافتراء كذباً في الإسناد فقط ، كما إذا أسند ذنب زيد إلى عمرو ، ذكر معنى هذا أبو السعود في تفسيره ، قيل : وهذا من جملة رده صلى الله عليه وسلم على المشركين لما طلبوا منه أن يأتي بقرآن غير هذا القرآن ، أو يبدّله ، فبين لهم أنه لو فعل ذلك لكان من الافتراء على الله ، ولا ظلم يماثل ذلك ، وقيل : المفتري على الله الكذب هم : المشركون ، والمكذب بآيات الله هم أهل الكتاب { إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ المجرمون } تعليل لكونه لا أظلم ممن افترى على الله كذباً أو كذب بآياته ، أي لا يظفرون بمطلوب ، ولا يفوزون بخير ، والضمير في { إنه } للشأن ، أي إن الشأن هذا .

/خ19