بمثل هذا البيان لحالات الهدى والضلال ، ولنماذج الهدى والضلال ، أنزل الله هذا القرآن ليهتدي به من يفتح له قلبه ، فيقسم الله له الهداية :
( وكذلك أنزلناه آيات بينات ، وأن الله يهدي من يريد ) . .
وإرادة الله قد قررت سبق الهدى والضلال . فمن طلب الهدى تحققت إرادة الله بهدايته ، وفق سنته ، وكذلك من طلب الضلال . إنما يفرد هنا حالة الهدى بالذكر ، بمناسبة ما في الآيات من بيان يقتضي الهدى في القلب المستقيم .
وقوله : { وَكَذَلِكَ أَنزلْنَاهُ } أي : القرآن { آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ } أي : واضحات في لفظها ومعناها ، حجةً من الله على الناس { وَأَنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يُرِيدُ } أي : يضل من يشاء ، ويهدي من يشاء ، وله الحكمة التامة والحجة{[20052]} القاطعة في ذلك ، { لا{[20053]} يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ } [ الأنبياء : 23 ] ، أما هو فلحكمته ورحمته وعدله ، وعلمه وقهره وعظمته ، لا معقب لحكمه ، وهو سريع الحساب .
وقوله : وكَذلكَ أنْزَلْناهُ آياتٍ بَيّناتٍ يقول تعالى ذكره : وكما بيّنت لكم حُجَجي على من جحد قدرتي على إحياء من مات من الخلق بعد فنائه فأوضحتها أيها الناس ، كذلك أنزلنا إلىء نبينا محمد صلى الله عليه وسلم هذا القرآن آيات بيّنات ، يعني دلالات واضحات ، يهدين من أراد الله هدايته إلى الحقّ . وأنّ اللّهَ يَهْدِي مَنْ يُرِيدُ يقول جلّ ثناؤه : ولأن الله يوفق للصواب ولسبيل الحقّ من أراد ، أنزل هذا القرآن آيات بيّنات و «أنّ » في موضع نصب .
{ كذلك أنزلناه } والضمير في { أنزلناه } عائد على القرآن ، وجاءت هذه الضمائر هكذا لم يتقدم ذكر لشهرة المشار إليه نحو قوله تعالى : { حتى توارت بالحجاب }{[8325]} [ ص : 32 ] وغيره ، وقوله تعالى : { وأن } في موضع خير الابتداء والتقدير والأمر أن الله يهدي من يريد ، وهداية الله تعالى هي خلقه الرشاد والإيمان في نفس الإنسان .
لما تضمنت هذه الآيات تبيين أحوال الناس تجاه دعوة الإسلام بما لا يبقى بعده التباس عقبت بالتنويه بتبيينها ، بأن شُبه ذلك التبيينُ بنفسه كناية عن بلوغه الغاية في جنسه بحيث لا يلحق بأوضح منه ، أي مثلَ هذا الإنزال أنزلنا القرآن آيات بيّنات .
فالجملة معطوفة على الجُمل التي قبلها عطف غرض على غرض . والمناسبة ظاهرة ، فهي استئناف ابتدائي . وعطف على التنويه تعليل إنزاله كذلك بأن الله يهدي من يريد هديه أي بالقرآن . فلام التعليل محذوفة ، وحذف حرف الجر مع ( أن ) مطّرد .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.