المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{إِنَّكَ مَيِّتٞ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ} (30)

إنك - يا محمد - وإنهم جميعاً ميِّتون . ثم إنكم بعد الموت والبعث عند الله يخاصم بعضكم بعضاً .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{إِنَّكَ مَيِّتٞ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ} (30)

قوله تعالى : { إنك ميت } أي : ستموت . { وإنهم ميتون } أي : سيموتون . قال الفراء ، والكسائي : الميت بالتشديد من لم يمت ، وسيموت . الميت بالتخفيف من فارق الروح ، ولذلك لم يخفف هاهنا .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{إِنَّكَ مَيِّتٞ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ} (30)

ثم أخبر - سبحانه - رسوله صلى الله عليه وسلم بأن الموت سينزل به كما سينزل بأعدائه الذين يتربصون به ريب المنون ، ولكن فى الوقت الذى يشاؤه الله - تعالى - فقال - : { إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَّيِّتُونَ } .

أى : إنك - أيها الرسول الكريم - سيلحقك الموت ، كما أنه سيلحق هؤلاء المشركين لا محالة ، وما دام الأمر كذلك فأى موجب لتعجل الموت الذى يعم الخلق جميعا .

وجاء الحديثي عن حلول الموت به صلى الله عليه وسلم وبأعدائه ، بأسلوب التأكيد ، للإِيذان بأنه لا معنى لاستبطائهم لموته صلى الله عليه وسلم ولا للشماتة به صلى الله عليه وسلم إذا ما نزل به الموت ، إذ لا يشمت الفانى فى الفانى مثله .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{إِنَّكَ مَيِّتٞ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ} (30)

القول في تأويل قوله تعالى { إِنّكَ مَيّتٌ وَإِنّهُمْ مّيّتُونَ * ثُمّ إِنّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِندَ رَبّكُمْ تَخْتَصِمُونَ * فَمَنْ أَظْلَمُ مِمّن كَذَبَ علَى اللّهِ وَكَذّبَ بِالصّدْقِ إِذْ جَآءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنّمَ مَثْوًى لّلْكَافِرِينَ } .

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : إنك يا محمد ميت عن قليل ، وإن هؤلاء المكذّبيك من قومك والمؤمنين منهم ميتون ثُمّ إنّكُمْ يَوْمَ القِيامَةِ عِنْدَ رَبّكُمْ تَخْتَصِمُونَ يقول : ثم إن جميعكم المؤمنين والكافرين يوم القيامة عند ربكم تختصمون فيأخذ للمظلوم منكم من الظالم ، ويفصل بين جميعكم بالحقّ .

واختلف أهل التأويل في تأويل ذلك ، فقال بعضهم : عنى به اختصام المؤمنين والكافرين ، واختصام المظلوم والظالم . ذكر من قال ذلك :

حدثنا عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، في قوله : ثُمّ إنّكُمْ يَوْمَ القِيامَةِ عِنْدَ رَبّكُمْ تَخْتَصِمُونَ يقول : يخاصم الصادق الكاذب ، والمظلوم الظالم ، والمهتدي الضالّ ، والضعيف المستكبر .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : ثُمّ إنّكُمْ يَوْمَ القِيامَةِ عِنْدَ رَبّكُمْ تَخْتَصِمُونَ قال : أهل الإسلام وأهل الكفر .

حدثني ابن البرقي ، قال : حدثنا ابن أبي مريم ، قال : حدثنا ابن الدراوردي ، قال : ثني محمد بن عمرو عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب بن الزبير ، قال : لما نزلت هذه الاَية : إنّكَ مَيّتٌ وإنّهُمْ مّيّتُونَ ثُمّ إنّكُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ عِنْدَ رَبّكُمْ تَخْتَصِمُونَ قال الزبير : يا رسول الله ، أينكر علينا ما كان بيننا في الدنيا مع خواص الذنوب ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : «نَعَمْ حتى يُوءَدّى إلى كُلّ ذي حَقَ حَقّهُ » .

وقال آخرون : بل عُني بذلك اختصام أهل الإسلام . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا يعقوب ، عن جعفر ، عن سعيد ، عن ابن عمر ، قال : نزلت علينا هذه الاَية وما ندري ما تفسيرها حتى وقعت الفتنة ، فقلنا : هذا الذي وعدنا ربّنا أن نختصم فيه ثُمّ إنّكُمْ يَوْمَ القِيامَةِ عِنْدَ رَبّكُمْ تَخْتَصِمُونَ .

حدثني يعقوب ، قال : حدثنا ابن علية ، قال : حدثنا ابن عون ، عن إبراهيم ، قال : لما نزلت : إنكَ مَيّتٌ وإنّهُمْ مَيّتُونَ ثُمّ إنّكُمْ . . . الاَية ، قالوا : ما خصومتنا بيننا ونحن إخوان ، قال : فلما قُتل عثمان بن عفان ، قالوا : هذه خصومتنا بيننا .

حُدثت عن ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية ، في قوله ثُمّ إنّكُمْ يَوْمَ القِيامَةِ عِنْدَ رَبّكُمْ تَخْتَصِمُونَ قال : هم أهل القبلة .

وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال : عُني بذلك : إنك يا محمد ستموت ، وإنكم أيها الناس ستموتون ، ثم إن جميعكم أيها الناس تختصمون عند ربكم ، مؤمنكم وكافركم ، ومحقوكم ومبطلوكم ، وظالموكم ومظلوموكم ، حتى يؤخذ لكلّ منكم ممن لصاحبه قبله حق حقّه .

وإنما قلنا هذا القول أولى بالصواب لأن الله عمّ بقوله : ثُمّ إنّكُمْ يَوْمَ القِيامَةِ عِنْدَ رَبّكُمْ تَخْتَصِمُونَ خطاب جميع عباده ، فلم يخصص بذلك منهم بعضا دون بعض ، فذلك على عمومه على ما عمه الله به وقد تنزل الاَية في معنى ، ثم يكون داخلاً في حكمها كلّ ما كان في معنى ما نزلت به .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{إِنَّكَ مَيِّتٞ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ} (30)

{ إنك ميت وإنهم ميتون } فإن الكل بصدد الموت وفي عداد الموتى ، وقرئ " مائت " و " مائتون " لأنه مما سيحدث .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{إِنَّكَ مَيِّتٞ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ} (30)

ثم ابتدأ القول معهم غرضاً آخر من الوعيد يوم القيامة والخصوم ومن التحذير من حال الكذبة على الله المكذبين بالصدق ، فقدم تعالى لذلك توطئة مضمنها وعظ النفوس وتهيئتها لقبول الكلام وحذف التوعد ، وهذا كما تريد أن تنهى إنساناً عن معاصيه أو تأمره بخير فتفتتح كلامك بأن تقول : كلنا يفنى ولا بد للجميع من الموت ، أو كل من عليها فان ، ونحو هذا مما توقن به نفس الذي تحاور ، ثم بعد هذا تورد قولك ، فأخبر تعالى أن الجميع «ميت » .

وهذه قراءة الجمهور ، وقرأها «مائت » و «مايتون » بألف ابن الزبير وابن محيصن وابن أبي إسحاق واليماني وعيسى بن عمر وابن أبي عبلة . والضمير في { إنهم } لجميع العالم ، دخل رجل على صلة بن أشيم فنعى إليه أخاه ، وبين يدي صلة طعام فقال صلة للرجل : أدن فكل ، فإن أخي قد نعي إليَّ منذ زمان ، قال الله تعالى : { إنك ميت وإنهم ميتون } .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{إِنَّكَ مَيِّتٞ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ} (30)

لمّا جرى الكلام من أول السورة في مهيع إبطال الشرك وإثبات الوحدانية للإله ، وتوضيح الاختلاف بين حال المشركين وحال الموحّدين المؤمنين بما ينبىء بتفضيل حال المؤمنين ، وفي مهيع إقامة الحجة على بطلان الشرك وعلى أحقيّة الإِيمان ، وإرشاد المشركين إلى التبصر في هذا القرآن ، وتخلل في ذلك ما يقتضي أنهم غير مقلعين عن باطلهم ، وختم بتسجيل جهلهم وعدم علمهم ، خُتم هذا الغرض بإحالتهم على حكم الله بينهم وبين المؤمنين يوم القيامة حين لا يستطيعون إنكاراً ، وحين يلتفتون فلا يَرون إلا ناراً .

وقدم لذلك تذكيرهم بأن الناس كلهم صائرون إلى الموت فإن الموت آخر ما يذكر به السادر في غلوائه إذا كان قد اغتر بعظمة الحياة ولم يتفكر في اختيار طريق السلامة والنجاة ، وهذا من انتهاز القرآن فرص الإِرشاد والموعظة .