فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{إِنَّكَ مَيِّتٞ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ} (30)

{ إنك ميت وإنهم ميتون } : إخبار بيقين تكثر فيه السلوى ، وتقل فيه الحسرة ، إذ سوّى الحق الحيّ الذي لا يموت بين خلقه في تجرع كأس المنيّة ، وإن تفاضلوا في غيره ، فخير خلقه ومصطفاه سيدركه الموت-وقد أدركه- كما يدرك سائر خلق الله ، ثم يجمعنا ربنا ليوم لا شك فيه ، فيقضي بيننا بالحق فيما اختلفنا فيه من أمور الدين والدنيا : { قل يجمع بيننا ربنا ثم يفتح بيننا بالحق وهو الفتاح العليم } ، قال جمع : المراد بذلك الاختصام العام فيما جرى في الدنيا بين الأنام ، لا خصوص الاختصام بينه صلى الله عليه وسلم وبين الكفرة الطغاة ، وفي الآثار ما يأبى الخصوص المذكور .

يقول صاحب الجامع لأحكام القرآن : يعني تخاصم الكافر والمؤمن ، والظالم والمظلوم . اه .

في البخاري عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( من كانت له مظلمة لأحد من عرضه أو شيء فليتحلّله منه اليوم قبل ألا يكون دينار ولا درهم إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيآت صاحبه فحمل عليه ) .

وروى مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( أتدرون من المفلس ؟ ) قالوا : المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع . قال : ( إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ويأتي قد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار ) ! .

وأخرج الترمذي والحاكم-وصححاه- عن الزبير بن العوام رضي الله تعالى عنه قال : لما نزلت { إنك ميت وإنهم ميتون . ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون } قلت : يا رسول الله أينكر علينا ما بيننا في الدنيا مع خواص الذنوب ؟ قال : ( نعم ينكر ذلك عليكم حتى يؤدى إلى كل ذي حق حقه ) قال الزبير : فو الله إن الأمر لشديد . .