قوله جلّ ذكره : { وََأنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا } .
أماته في الدنيا ، وأحياه في القبر ؛ فالقبر إما للراحة وإِما للإحساس بالعقوبة .
ويقال : أماته في الدنيا ، وأحياه في الحشر .
ويقال : أمات نفوسَ الزاهدين بالمجاهدة ، وأحيا قلوبَ العارفين بالمشاهدة .
ويقال : أمات نفوسهم بالمعاملات ، وأحيا قلوبهم بالمواصلات .
ويقال : أماتها بالهيبة ، وأحياها بالأُنْس .
ويقال : بالاستتار ، والتجلِّي .
44- { وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا } .
هو سبحانه خالق الموت والحياة ، هو باعث الروح في الأحياء ، وهو سبحانه قابض الأرواح ، وهو سبحانه خالق الكفر الذي يشبه الموت ، وخالق الإيمان الذي يشبه الحياة ، وهو باعث الحياة في الأمم بإيقاظ الهمم والعزائم ، وهو مميت الأمم بكفرها وترفها وفسوقها ، الذي يجرها إلى الهلاك والموت ، تلك سنة الله ، ولن تجد لسنة الله تبديلا .
قال تعالى : { اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ . . . } ( الروم : 40 ) .
وقال عز شأنه : { الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا . . . } ( الملك : 2 )
{ وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا } وعليه فهو مجاز ولا يخفى أن الحقيقة أيضاً تناسب الإماتة والإحياء لاسيما والموت يعقبه البكاء غالباً والإحياء عند الولاد الضحك وما أحسن قوله :
ولدتك أمك يا ابن آدم باكيا *** والناس حولك يضحكون سروراً
فاجهد لنفسك أن تكون إذا بكوا *** في يوم موتك ضاحكاً مسروراً
وقال مجاهد . والكلبي : { أَضْحَكَ } أهل الجنة { وأبكى } أهل النار ، وقيل : { أَضْحَكَ } الأرض بالنبات { وأبكى } السماء بالمطر ، وتقديم الضمير وتكرير الإسناد للحصر أي أنه تعالى فعل ذلك لا غيره سبحانه ، وكذا في أنه { هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا } فلا يقدر على الإماتة والإحياء غير عز وجل ، والقاتل إنما ينقض البنية الإنسانية ويفرق أجزاءها والموت الحاصل بذلك فعل الله تعالى على سبيل العادة في مثله فلا إشكال في الحصر .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.