المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَذَكَرَ ٱسۡمَ رَبِّهِۦ فَصَلَّىٰ} (15)

15- وذكر اسم خالقه بقلبه ولسانه فصلى خاشعا ممثلا .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَذَكَرَ ٱسۡمَ رَبِّهِۦ فَصَلَّىٰ} (15)

{ وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى } أي : أقام الصلاة في أوقاتها ؛ ابتغاء رضوان الله وطاعة لأمر الله وامتثالا لشرع الله . وقد قال الحافظ أبو بكر البزار :

حدثنا عباد بن أحمد العرزمي ، حدثنا عمي محمد بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن عطاء بن السائب ، عن عبد الرحمن بن سابط ، عن جابر بن عبد الله ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : { قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى } قال : " من شهد أن لا إله إلا الله ، وخلع الأنداد ، وشهد أني رسول الله " ، { وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى } قال : " هي الصلوات الخمس والمحافظة عليها والاهتمام بها " .

ثم قال{[29979]} لا يروى عن جابر إلا من هذا الوجه{[29980]} .

وكذا قال ابن عباس : إن المراد بذلك الصلوات الخمس . واختاره ابن جرير .

وقال ابن جرير : حدثني عَمرو بن عبد الحميد الآملي{[29981]} حدثنا مروان بن معاوية ، عن أبي خلدة قال : دخلت على أبي العالية فقال لي : إذا غدوت غدا إلى العيد فمرّ بي . قال : فمررت به فقال : هل طعمت شيئا ؟ قلت : نعم . قال : أفضت على نفسك من الماء ؟ قلت : نعم . قال : فأخبرني ما فعلت بزكاتك ؟ قلت : وكأنك قُلت : قد وَجّهتهَا ؟ قال : إنما أردتك لهذا . ثم قرأ : { قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى } وقال : إن أهل المدينة لا يرون صدقة أفضل منها ومن سقاية الماء .

قلت : وكذلك روينا عن أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز أنه كان يأمر الناس بإخراج صدقة الفطر ، ويتلو هذه الآية { قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى }

وقال أبو الأحوص : إذا أتى أحدكم سائل وهو يريد الصلاة ، فليقدم بين يدي صلاته زكاته ، فإن الله يقول : { قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى }

وقال قتادة في هذه الآية { قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى } زكى ماله وأرضى خالقه .


[29979]:-(1) في م: "وقال".
[29980]:-(2) مسند البزار برقم (2284) "كشف الأستار" وقال الهيثمي في المجمع (7/137): "رواه البزار عن شيخه عباد بن أحمد العرزمي وهو متروك".
[29981]:- (3) في أ: "الأيلي".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَذَكَرَ ٱسۡمَ رَبِّهِۦ فَصَلَّىٰ} (15)

وذكر اسم ربه بقلبه ولسانه فصلى كقوله وأقم الصلاة لذكري ويجوزأن يراد بالذكر تكبيرة التحريم وقيل تزكى تصدق للفطر وذكر اسم ربه كبره يوم العيد فصلى صلاته .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَذَكَرَ ٱسۡمَ رَبِّهِۦ فَصَلَّىٰ} (15)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

اختلف أهل التأويل في تأويل قوله : "وَذَكَرَ اسْمَ رَبّهِ فَصَلّى"؛

فقال بعضهم : معنى ذلك : وحّد الله ...

وقال آخرون : بل معنى ذلك : وذكر الله ودعاه ورغب إليه ...

والصواب من القول في ذلك : أن يقال : وذكر الله فوحّده ، ودعاه ورغب إليه ، لأن كلّ ذلك من ذكر الله ، ولم يخصُصِ الله تعالى من ذكره نوعا دون نوع .

وقوله : "فَصَلّى" اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك ؛ فقال بعضهم : عُنِي به : فصّلى الصلوات الخمس ...

وقال آخرون : عني به : صلاة العيد يوم الفطر .

وقال آخرون : بل عُني به : وذكر اسم ربه فدعا، وقالوا : الصلاة ها هنا : الدعاء .

والصواب من القول أن يقال : عُنِي بقوله : فَصَلّى : الصلوات ، وذكر الله فيها بالتحميد والتمجيد والدعاء .

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

يحتمل أن يكون أريد به أنواع العبادات لا الصلاة المعروفة وحدها ، لأن الصلاة اسم للدعاء والثناء والأنواع من الكرامات . فإنه يقول : بذكر الرب ما يصل إلى العبادات ، ومن أعرض عن ذكره حرم من العبادات ، أو يكون منصرفا إلى الصلاة المعروفة ...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{ وذكر } أي بالقلب واللسان ....{ اسم ربه } أي صفات المحسن إليه فإنه إذا ذكر الصفة سر بها فأفاض باطنه على ظاهره ذكر اللفظ الدال عليها ، وإذا ذكر ذلك اللفظ وهو الاسم الدال عليها انطبع في قلبه ذكر المسمى { فصلّى } أي الصلاة الشرعية لأنها أعظم الذكر ، فهي أعظم عبادات البدن كما أن الزكاة أعظم عبادات المال ....

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

( فصلى ) . . إما بمعنى خشع وقنت . وإما بمعنى الصلاة الاصطلاحي ، فكلاهما يمكن أن ينشأ من التذكر واستحضار جلال الله في القلب ، والشعور بمهابته في الضمير . . هذا الذي تطهر وذكر وصلى ( قد أفلح )يقينا . أفلح في دنياه ، فعاش موصولا ، حي القلب ، شاعرا بحلاوة الذكر وإيناسه . وأفلح في أخراه ، فنجا من النار الكبرى ، وفاز بالنعيم والرضى . ...