نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{وَذَكَرَ ٱسۡمَ رَبِّهِۦ فَصَلَّىٰ} (15)

ولما كان أعظم الأعمال المزكية الذكر والصلاة قال تعالى : { وذكر } أي بالقلب واللسان ذكر وذكر - بالكسر والضم { اسم ربه } أي صفات المحسن إليه فإنه إذا ذكر الصفة سر بها فأفاض باطنه على ظاهره ذكر اللفظ الدال عليها ، وإذا ذكر ذلك اللفظ وهو الاسم الدال عليها انطبع في قلبه ذكر المسمى { فصلّى * } أي الصلاة الشرعية لأنها أعظم الذكر ، فهي أعظم عبادات البدن كما أن الزكاة أعظم عبادات المال{[72936]} ، ومن فعل ذلك استراح من داء الإعجاب وما يتبعه من النقائص الموجبة لسوء الانقلاب ، وكان متخلقاً بما ذكر من أخلاق الله في أول السورة من التخلي عن النقائص بالتزكية{[72937]} ، والتحلي بالكمالات بالذكر والصلاة لأنه لعظمته لا يتأهل لذكره إلا من واظب إلى ذكر-{[72938]} اسمه فلا يشقى فلا يصلى النار الكبرى بوعد لا خلف فيه{[72939]} - فالآية{[72940]} من الاحتباك في الاحتباك : ذكر أولاً الصلى دليلاً على حذف{[72941]} ضده ثانياً ، وثانياً التزكية دليلاً على حذف ضدها أولاً ، وقد تكفل ذكر التزكية والذكر ، والصلاة من أسباب التداوي{[72942]} بالإنضاج ثم الأشربة ثم الأغذية ، والآية صالحة لإرادة زكاة الفطر وتكبيرات العيد وصلاته وإن كانت السورة مكية وفرض الصيام بالمدينة ، لأن العبرة بعموم اللفظ لإحاطة علمه سبحانه وتعالى بالماضي والحال{[72943]} والاستقبال على حد سواء ؛ قال الرازي في اللوامع : وتقدم زكاة الفطر على صلاة العيد ، وكان ابن مسعود رضي الله تعالى عنه يقول : رحم الله امرأً تصدق ثم صلى - ثم يقرأ هذه الآية ، وإن كانت السورة مكية ، فإنه يجوز أن يكون النزول سابقاً على الحكم كما قال تعالى :

( وأنت حل بهذا البلد }[ البلد : 2 ] والسورة مكية ، وظهر أثر الحل يوم الفتح - انتهى ، وأخذه{[72944]} من البغوي ، وزاد البغوي{[72945]} أن ابن عمر رضي الله عنهما كان يأمر نافعاً رضي الله عنه بنحو ما قال ابن مسعود رضي الله عنه ، ويقول : إنما نزلت هذه الآية في هذا . وروى البزار{[72946]} : " عن عوف بن مالك الأشجعي رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يأمر بزكاة الفطر قبل أن يصلي صلاة العيد ويتلو{[72947]} هذه الآية " وفي السند كثير بن عبد الله - حسّن له الترمذي وضعفه غيره - {[72948]}والله أعلم{[72949]} .


[72936]:من ظ و م، وفي الأصل: الأموال.
[72937]:زيد في الأصل: والتجلي، ولم تكن الزيادة في ظ و م فحذفناها.
[72938]:زيد من ظ و م.
[72939]:زيد في الأصل: والله أعلم، ولم تكن الزيادة في ظ و م فحذفناها.
[72940]:من ظ و م، وفي الأصل: والآية.
[72941]:من ظ و م، وفي الأصل: حفظ.
[72942]:زيد في الأصل: وهو، ولم تكن الزيادة في ظ و م فحذفناها.
[72943]:من ظ و م، وفي الأصل: وال كذا.
[72944]:من ظ و م، وفي الأصل: أخذ.
[72945]:راجع المعالم 7/196.
[72946]:راجع مجمع الزوائد 7/136.
[72947]:من م، وفي الأصل و ظ: يتلوه.
[72948]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م.
[72949]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م.