الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{وَذَكَرَ ٱسۡمَ رَبِّهِۦ فَصَلَّىٰ} (15)

{ وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى } قال : خرج إلى العيد فصلى .

وروى عبيد الله بن عمر عن نافع قال : كان ابن عمر إذا صلّى الغداة يعني من يوم العيد قال : يا نافع أخرجت الصدقة فإن قلت نعم مضى إلى المصلّى وإن قلت لا قال : فالآن فأخرج ، فإنما نزلت هذه الآية في هذا { قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى } { وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى } : وروى مروان بن معاوية عن أبي خالد قال : دخلت على أبي العالية فقال لي : إذا غدوت غداً إلى العيد فمرّ بي ، قال : فمررت به فقال : هل طمعت شيئاً ؟ قلت : نعم ، قال : أفضت على نفسك من الماء ، قلت : نعم ، قال : فأخبرني ما فعلت زكاتك ؟ قلت : قد وجهتها قال : إنما أردتك لهذا ثم قرأ { قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى } وقال : إنّ أهل المدينة لا يرون صدقة أفضل منها ومن سقاية الماء ، ودليل هذا التأويل ما أخبرني الحسين قال : حدّثنا أحمد بن محمد بن علي الهمداني قال : حدّثنا أبو بكر محمد بن إبراهيم بن إسحاق الأصبهاني قال : حدّثنا حاتم بن يونس الجرجاني قال : حدّثنا دحيم قال : حدّثنا عبد الله بن نافع عن كثير بن عبد الله عن أبيه عن جدّه عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : { قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى } قال : " أخرج زكاة الفطر ، وخرج إلى المصلى فصلّى " .

قلت : ولا أدري ما وجه هذا التأويل ، لأن هذه السورة مكيّة بالإجماع ولم يكن بمكّة عيد ، ولا زكاة فطر والله أعلم .

{ وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ } : أي وذكر ربّه ، وقيل : وذكر تسمية ربّه ، وقيل : هو تكبير العيد ، فصلّى صلاة العيد ، وقيل : الصلوات الخمس . يدل عليه ما أخبرنا عبد الله بن حامد قال : أخبرنا أحمد ابن عبد الله قال : حدّثنا محمد بن عبد الله قال : حدّثنا عباد بن أحمد العمري قال : حدّثنا عمّي محمد بن عبد الرحمن عن أبيه عن عطاء بن السائب عن ابن سابط عن جابر قال : " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى } قال : " من شهد أن لا إله إلاّ الله وخلع الأنداد وشهد أني رسول الله " { وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى } قال : " هي الصلوات الخمس ، والمحافظة عليها حين ينادى بها ، والإهتمام بمواقيتها ، وقيل : الصلاة ههنا الدعاء " .