الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{وَذَكَرَ ٱسۡمَ رَبِّهِۦ فَصَلَّىٰ} (15)

الثالثة- قوله تعالى : " وذكر اسم ربه فصلى " أي ذكر ربه . وروى عطاء عن ابن عباس قال : يريد ذكر معاده وموقفه بين يدي اللّه جل ثناؤه ، فعبده وصلى له . وقيل : ذكر اسم ربه بالتكبير في أول الصلاة ، لأنها لا تنعقد إلا بذكره ، وهو قوله : اللّه أكبر : وبه يحتج على وجوب تكبيرة الافتتاح ، وعلى أنها ليست من الصلاة ؛ لأن الصلاة معطوفة عليها . وفيه حجة لمن قال : إن الافتتاح جائز بكل اسم من أسماء اللّه عز وجل . وهذه مسألة خلافية بين الفقهاء . وقد مضى القول في هذا في أول سورة " البقرة " {[15979]} . وقيل : هي تكبيرات العيد . قال الضحاك : " وذكر اسم ربه " في طريق المصلى " فصلى " ؛ أي صلاة العيد . وقيل : " وذكر اسم ربه " وهو أن يذكره بقلبه عند صلاته ، فيخاف عقابه ، ويرجو ثوابه ؛ ليكون استيفاؤه لها ، وخشوعه فيها ، بحسب خوفه ورجائه . وقيل : هو أن يفتتح أول كل سورة ب بسم اللّه الرحمن الرحيم . " فصلى " أي فصلى وذكر . ولا فرق بين أن تقول : أكرمتني فزرتني ، وبين أن تقول : زرتني فأكرمتني . قال ابن عباس : هذا في الصلاة المفروضة ، وهي الصلوات الخمس . وقيل : الدعاء ، أي دعاء اللّه بحوائج الدنيا والآخرة . وقيل : صلاة العيد . قاله أبو سعيد الخدري وابن عمر وغيرهما . وقد تقدم . وقيل : هو أن يتطوع بصلاة بعد زكاته ، قاله أبو الأحوص ، وهو مقتضى قول عطاء . وروي عن عبد الله قال : من أقام الصلاة ولم يؤت الزكاة فلا صلاة له .


[15979]:راجع جـ 1 ص 571 فما بعد.