{ وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ } أي : من مال وولد ، نسلبه منه ، عكس ما قال : إنه يُؤْتى في الدار الآخرة مالا وولدا ، زيادة على الذي له في الدنيا ؛ بل في الآخرة يُسلَب من الذي كان له في الدنيا ، ولهذا قال : { وَيَأْتِينَا فَرْدًا } أي : من المال والولد .
قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : { وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ } ، [ قال : نرثه ]{[19124]}
وقال مجاهد : { وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ } : ماله وولده ، وذلك الذي قال العاص بن وائل .
وقال عبد الرزاق ، عن مُعْمَر ، عن قتادة : { وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ } قال : ما عنده ، وهو قوله : { لأوتَيَنَّ مَالا وَوَلَدًا } وفي حرف ابن مسعود : " ونرثه ما عنده " .
وقال قتادة : { وَيَأْتِينَا فَرْدًا } : لا مال له ، ولا ولد .
وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : { وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ } قال : ما جمع من الدنيا ، وما عمل فيها ، قال : { وَيَأْتِينَا فَرْدًا } قال : فردًا من ذلك ، لا يتبعه قليل ولا كثير .
وقوله : وَنَرِثُهُ ما يَقُولُ يقول عزّ ذكره : ونسلب هذا القائل : لأوتينّ في الاَخرة مالاً وولدا ، ماله وولده ، ويصير لنا ماله وولده دونه ، ويأتينا هو يوم القيامة فردا ، وحدَه لا مال معه ولا ولد . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى «ح » وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : وَنَرِثُهُ ما يَقُولُ : ماله وولده ، وذلك الذي قال العاصي بن وائل .
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، مثله .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : وَنَرِثُهُ ما يَقُولُ ويَأْتِينا فَرْدا : لا مال له ولا ولد .
حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرّزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، في قوله : وَنَرثُهُ ما يَقُولُ قال : ما عنده ، وهو قوله لاَوتَينّ مالاً وَوَلَدا وفي حرف ابن مسعود : ونرثه ما عنده .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : وَنَرِثُهُ ما يَقُولُ قال : ما جمع من الدنيا وما عمل فيها . قال ويَأْتِينا فَرْدا قال : فردا من ذلك ، لا يتبعه قليل ولا كثير .
حدثني عليّ ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : وَنَرِثُهُ ما يَقُولُ : نرثه .
وقوله { ما يقول } أي هذه الأشياء التي سمى أنه يؤتاها في الآخرة يرث الله ما له منها في الدنيا فإهلاكه وتركه لها ، فالوراثة مستعارة ويحتمل أن يكون خيبته في الآخرة كوراثة ما أمل . وفي حرف ابن مسعود «ونرثه ما عنده » . وقال النحاس { نرثه ما يقول } معناه نحفظه عليه لنعاقبه ، ومنه قول النبي عليه السلام «العلماء ورثة الأنبياء »{[8038]} أي حفظة ما قالوا فكأن هذا المجرم يورث هذا المقالة . وقوله { فرداً } يتضمن ذلته وقلة انتصاره .
الإرث : مستعمل مجازاً في السلب والأخذ ، أو كناية عن لازمه وهو الهلاك . والمقصود : تذكيره بالموت ، أو تهديده بقرب هلاكه .
ومعنى إرث أولاده أنهم يصيرون مسلمين فيدخلون في حزب الله ، فإن العاصي وَلدَ عمَرْاً الصحابي الجليل وهشاماً الصحابي الشهيد يوم أجنادين ، فهنا بشارة للنبيء صلى الله عليه وسلم ونكاية وكمد للعاصي بن وائل .
والفرد : الذي ليس معه ما يصير به عدداً ، إشارة إلى أنّه يحشر كافراً وحده دون ولده ، ولا مال له ، و { فرداً } حال .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.