( وإن يروا كسفا من السماء ساقطا يقولوا : سحاب مركوم ) . .
أي أنه إذا أرسل عليهم العذاب في صورة قطعة من السماء تسقط عليهم وفيها الهلاك ، قالوا وهم يرونها تسقط : ( سحاب مركوم ) . . فيه الماء والحياة ! عنادا منهم أن يسلموا بالحق ، ولو كان السيف على رقابهم كما يقولون ! ولعله يشير بهذا إلى قصة عاد . وقولهم حين رأوا سحابة الموت والدمار : ( عارض ممطرنا ) . . حيث كان الرد : ( بل هو ما استعجلتم به : ريح فيها عذاب أليم تدمر كل شيء بأمر ربها ) . .
قوله جلّ ذكره : { وَإِن يَرَوْاْ كِسْفاً مِّنَ السَّمَاءِ سَاقِطاً يَقُولُواْ سَحَابٌ مَّرْكُومٌ } .
أي إِنْ رأوْا قطعةً من السماء ساقطةً عليهم قالوا : إنه سحابٌ مركوم رُكم بعضه عَلَى بعض والمقصود أنهم مهما رَأَوْ من الآيات لا يُؤمِنون . ولو فتحنا عليهم باباً من السماء حتى شاهدوا بالعين لقالوا : إنما سُكرَتْ أبصارنا ، وليس هذا عياناً ولا مشاهدةً .
{ وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَرْكُومٌ ( 44 ) فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ ( 45 ) يَوْمَ لا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ ( 46 ) وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ ( 47 ) وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ ( 48 ) وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ ( 49 ) } .
كِسفا : قطعة من السماء تسقط عليهم .
سحاب مركوم : هذا سحاب تراكم بعضه على بعض ، نرتوي به ، ثم لا يؤمنون .
44- { وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَرْكُومٌ } .
إنهم أهل كِبر وعناد ، سبق أن قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم مثل ما قاله قوم شعيب : { فأسقط علينا كِسَفا من السماء إن كنت من الصادقين } . ( الشعراء : 4187 ) .
وقد حكى القرآن عن أهل مكة : { وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء . . . } ( الأنفال : 32 )
وهنا يقول القرآن : إن أنزلنا عليهم قطعة من النيران لتقتلهم أو تهددهم لما اعتبروا ، وظنوا أنها سحاب تراكم بعضه فوق بعض ، ثم نزل بهم ليتحول إلى مياه ، تسقي زروعهم وثمارهم .
وقد حدث مثل ذلك لقبيلة عاد ، قوم نبي الله هود ، حينما رأوا سحابة في السماء تتجه إليهم ، ففرحوا وتوقعوا المطر ، ثم اكتشفوا أنها ريح الدبور ، سلطها الله عليهم لإهلاكهم ، وتدمير منازلهم ، وإنزال العذاب بهم .
قال تعالى : { فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ *تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لاَ يُرَى إِلاَّ مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ } . ( الأحقاف : 24-25 )
{ وَإِن يَرَوْاْ كِسْفاً } قطعة فهو مفرد وقد قرئ في جميع القرآن كسفاً وكسفاً جمعاً وإفراداً إلا هنا فإنه على الإفراد وحده ، وتنوينه للتفخيم أي وإن يروا كسفاً عظيما { مّنَ السماء ساقطا } لتعذيبهم { يَقُولُواْ } من فرط طغيانهم وعنادهم { سَحَابٌ } أي هو سحاب { مَّرْكُومٌ } متراكم ملقى بعضه على بعض أي هم في الطغيان بحيث لو أسقطنا عليهم حسبما قالوا ، أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفاً لقالوا هو سحاب متراكم يمطرنا ولم يصدقوا أنه كسف ساقط لعذابهم .
{ وإن يروا كسفا من السماء : أي وإن يَرَ هؤلاء المشركون قطعة من السماء تسقط ساقطا } عليهم .
{ يقولوا سحاب مركوم } : أي يقولوا في القطعة سحاب متراكم يمطرنا ولا يؤمنوا .
يذكر تعالى من عناد المشركين أنهم لو رأوا العذاب نازلاً من السماء في صورة قطعة كبيرة من السماء ككوكب مثلا لا أذعنوا ولا آمنوا بل قالوا في ذلك العذاب سحاب مركوم الآن يسقى ديارنا فنرتوي وترتوي أراضينا وبهائمنا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.