عذابا دون ذلك : عذابا في الدنيا قبل عذاب الآخرة ، مثل الجوع والقحط سبع سنين ، أو القتل يوم بدر ، أو عذاب القبر .
ولكن أكثرهم لا يعلمون : أن العذاب نازل بهم في الدنيا قبل الآخرة .
47- { وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ } .
وإن لكل الظالمين عذابا قبل يوم القيامة ، ومنهم كفار مكة ، فلهم عذاب في القبر أو عذاب يوم بدر ، أو ما أنزل الله بهم من مجاعة وحاجة ، أو ما أصابهم من هزائم وخزي وهوان ، حتى ذلّ الشرك وأهله ، وانتصر الإسلام وأهله ، ففُتحت مكة والطائف ، وعمّ الإسلام بلاد العرب ، وأخذ طريقه إلى الشرق والغرب والشمال والجنوب .
وهكذا نجد أن العذاب ينتظرهم يوم القيامة ، وقبل يوم القيامة ، ولكنهم لاهون غافلون ، لا يعلمون هول ما ينتظرهم ، وبعضهم يعلم غير أنه يُصر على الكفر والضلال عنادا وجحودا .
والمراد بالأكثر الكلّ ، على عادة العرب حيث تعبّر عن الكل بالأكثر ، أو هم في أكثر أحوالهم لم يعلموا .
ونظير الآية قوله تعالى : { ولَنذيقنّهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون } . ( السجدة : 21 ) .
والمراد أن الكفار لا يعتبرون ولا يتعظون ، ولو كشف عنهم البلاء لعادوا إلى أسوأ ما كانوا عليه .
قال تعالى : { ولو رُدّوا لعادوا لِما نُهوا عنه وإنهم لكاذبون } ( الأنعام : 28 )
{ وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ } أي لهم ووضع الموصول موضع الضمير لما ذكر قبل وجوز العموم وهم داخلون دخولاً أولياً { عَذَاباً } آخر { دُونِ ذَلِكَ } دون ما لاقوه من القتل أي قبله وهو كما قال مجاهد القحط الذي أصابهم سبع سنين .
وعن ابن عباس هو ما كان عليهم يوم بدر والفتح ، وفسر { دُونِ ذَلِكَ } بقبل يوم القيامة بناءاً على كون يومهم الذي فيه يصعقون ذلك ، وعنه أيضاً . وعن البراء بن عازب أنه عذاب القبر وهو مبني على نحو ذلك التفسير ، وذهب إليه بعضهم بناءاً على أن { دُونِ ذَلِكَ } بمعنى وراء ذلك كما في قوله
: يريك القذى من دونها وهو دونها *** وإذا فسر اليوم بيوم القيامة ونحوه ، و { دُونِ ذَلِكَ } بقبله ، وأريد العموم من الموصول فهذا العذاب عذاب القبر ، أو المصائب الدنيوية ، وفي مصحف عبد الله دون ذلك قريباً { ولكن أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } إن الأمر كما ذكر ، وفيه إشارة إلى أن فيهم من يعلم ذلك وإنما يصر على الكفر عناداً ، أو لا يعلمون شيئاً .
{ وإن للذين ظلموا عذاباً دون ذلك } : أي وإن لهؤلاء المشركين الظلمة عذاباً في الدنيا دون عذاب يوم القيامة وهو عذاب القحط سبع سنين وعذاب القتل في بدر .
{ ولكن أكثرهم لا يعلمون } : أي أن العذاب نازلهم بهم في الدنيا قبل يوم القيامة .
وقوله تعالى : { وإن للذين ظلموا } أي أنفسهم أي بالكفر والتكذيب والشرك والمعاصي عذاباً دون ذلك المذكور من عذاب يوم القيامة وهو ما أصابهم به من سِنِي القحط والمجاعة وما أنزله بهم من هزيمة في بدر حيث قتل صناديدهم وذلوا وأهينوا ولكن أكثرهم لا يعلمون ذلك ، ولو علموا لما أصروا على العناد والكفر .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.