المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَيَبۡغُونَهَا عِوَجٗا وَهُم بِٱلۡأٓخِرَةِ هُمۡ كَٰفِرُونَ} (19)

19- هؤلاء الذين يصرفون الناس عن دين الله ويمنعونهم - وهو سبيله المستقيم - ويطلبون أن تكون هذه السبيل موافقة لشهواتهم وأهوائهم ، فتكون معوجة ، وهم بالآخرة - وما فيها من ثواب المؤمن وعقاب الكافر - كافرون .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَيَبۡغُونَهَا عِوَجٗا وَهُم بِٱلۡأٓخِرَةِ هُمۡ كَٰفِرُونَ} (19)

1

وهم الذين يفترون الكذب على ربهم ليصدوا عن سبيل الله .

( ويبغونها عوجا ) . .

فلا يريدون الاستقامة ولا الخطة المستقيمة ، إنما يريدونها عوجا والتواء وانحرافا . يريدون الطريق أو يريدون الحياة أويريدون الأمور . . كلها بمعنى . . ( وهم بالآخرة هم كافرون ) ويكرر( هم ) مرتين للتوكيد وتثبيت الجريمة وإبرازها في مقام التشهير .

والذين يشركون بالله - سبحانه - وهم الظالمون - إنما يريدون الحياة كلها عوجا حين يعدلون عن استقامة الإسلام . وما تنتج الدينونة لغير الله - سبحانه - إلا العوج في كل جانب من جوانب النفس ، وفي كل جانب من جوانب الحياة .

إن عبودية الناس لغير الله سبحانه تنشئ في نفوسهم الذلة وقد أراد الله أن يقيمها على الكرامة . وتنشئ في الحياة الظلم والبغي وقد أراد الله أن يقيمها على القسط والعدل . وتحول جهود الناس إلى عبث في تأليه الأرباب الأرضية والطبل حولها والزمر ، والنفخ فيها دائما لتكبر حتى تملأ مكان الرب الحقيقي . ولما كانت هذه الأرباب في ذاتها صغيرة هزيلة لا يمكن أن تملأ فراغ الرب الحقيقي ، فإن عبادها المساكين يظلون في نصب دائب ، وهم مقعد مقيم ينفخون فيها ليل نهار ، ويسلطون عليها الأضواء والأنظار ، ويضربون حولها بالدفوف والمزامير والترانيم والتسابيح ، حتى يستحيل الجهد البشري كله من الإنتاج المثمر للحياة إلى هذا الكد البائس النكد وإلى هذا الهم المقعد المقيم . . فهل وراء ذلك عوج وهل وراء ذلك التواء ؟ !

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَيَبۡغُونَهَا عِوَجٗا وَهُم بِٱلۡأٓخِرَةِ هُمۡ كَٰفِرُونَ} (19)

وقوله : { الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا } أي يردُّون الناسَ عن اتباع الحق وسلوك طريق{[14544]} الهدى الموصلة إلى الله عز وجل ويجنبونهم{[14545]} الجنة ، { وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا } أي : ويريدون أن يكون طريقهم{[14546]} عوجا غير معتدلة ، { وَهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ } أي : جاحدون بها مكذبون بوقوعها وكونها .


[14544]:- في ت : "طرق".
[14545]:- في ت : "وبحبحة".
[14546]:- في ت ، أ : "طريق الحق".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَيَبۡغُونَهَا عِوَجٗا وَهُم بِٱلۡأٓخِرَةِ هُمۡ كَٰفِرُونَ} (19)

{ الذين يصدّون عن سبيل الله } عن دينه . { ويبغونها عوجا } يصفونها بالانحراف عن الحق والصواب أو يبغون أهلها أن يعوجوا بالردة . { وهم بالآخرة هم كافرون } والحال أنهم كافرون بالآخرة وتكريرهم لتأكيد كفرهم واختصاصهم به .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَيَبۡغُونَهَا عِوَجٗا وَهُم بِٱلۡأٓخِرَةِ هُمۡ كَٰفِرُونَ} (19)

قوله : { الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجاً وهم بالآخرة هم كافرون } تقدم نظيره في سورة [ الأعراف : 45 ] .

وضمير المؤنث في قوله : ( يبغونها ) عائد إلى سبيل الله لأنّ السبيل يجوز اعتباره مؤنثاً .

والمعنى : أنهم يبغون أن تصير سبيل الله عَوجاء ، فعلم أن سبيل الله مستقيمة وأنهم يحاولون أن يصيروها عَوجاء لأنهم يريدون أن يتبع النبي صلى الله عليه وسلم دينهم ويغضبون من مخالفته إياه . وهنا انتهى كلام الأشهاد لأن نظيره الذي في سورة [ الأعراف : 44 ] في قوله : { فأذّن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين } الآية انتهى بما يماثل آخر هذه الآية .

واختصت هذه الآية على نظيرها في الأعراف بزيادة ( هم ) في قوله : { هم كافرون } وهو توكيد يفيد تقوّي الحكم لأن المقام هنا مقام تسجيل إنكارهم البعث وتقريرِه إشعاراً بما يترقبهم من العقاب المناسب فحكي به من كلام الأشهاد ما يناسب هذا ، وما في سورة الأعراف حكاية لما قيل في شأن قوم أُدخلوا النار وظهر عقابهم فلا غَرض لحكاية ما فيه تأكيد من كلام الأشهاد ، وكلا المقالتين واقع وإنما يحكي البليغ فيما يحكيه ما له مناسبة لمقام الحكاية .