المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{ذِكۡرَىٰ وَمَا كُنَّا ظَٰلِمِينَ} (209)

209- تذكرة وعبرة ، وما كان شأننا الظلم فنعذب أمة قبل أن نبعث إليها رسولا .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{ذِكۡرَىٰ وَمَا كُنَّا ظَٰلِمِينَ} (209)

192

ثم يخوفهم بأن الإنذار مقدمة الهلاك . وأن رحمة الله ألا يهلك قرية حتى يبعث فيها رسولا ، يذكرها بدلائل الإيمان :

( وما أهلكنا من قرية إلا لها منذرون . ذكرى . وما كنا ظالمين ) . .

ولقد أخذ الله على البشر عهد الفطرة أن يوحدوه ويعبدوه . والفطرة بذاتها تحس بوجود الخالق الواحد ما لم تفسد وتنحرف . وبث دلائل الإيمان في الكون ، كلها يوحي بوجود الخالق الواحد . فإذا نسي الناس عهد الفطرة ؛ وأغفلوا دلائل الإيمان ، جاءهم نذير يذكرهم ما نسوا ، ويوقظهم إلى ما أغفلوا . فالرسالة ذكرى تذكر الناسين وتوقظ الغافلين . زيادة في العدل والرحمة ( وما كنا ظالمين )في أخذ القرى بعد ذلك بالعذاب والهلاك . فإنما هو جزاء النكسة عن خط الهدى ومنهج اليقين .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{ذِكۡرَىٰ وَمَا كُنَّا ظَٰلِمِينَ} (209)

ثم قال الله تعالى مخبرًا عن عدله في خلقه : أنَّه ما أهلك أمة من الأمم إلا بعد الإعذار إليهم ، والإنذار لهم وبعثة الرسل إليهم وقيام الحجج عليهم ؛ ولهذا قال : { وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلا لَهَا مُنْذِرُونَ . ذِكْرَى وَمَا كُنَّا ظَالِمِينَ } كما قال تعالى : { وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا } [ الإسراء : 15 ] ، وقال تعالى : { وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا [ وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلا{[4]} ] وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ } [ القصص : 59 ] .


[4]:في د: "إنهم قالوا".

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{ذِكۡرَىٰ وَمَا كُنَّا ظَٰلِمِينَ} (209)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَمَآ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ إِلاّ لَهَا مُنذِرُونَ * ذِكْرَىَ وَمَا كُنّا ظَالِمِينَ * وَمَا تَنَزّلَتْ بِهِ الشّيَاطِينُ * وَمَا يَنبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ * إِنّهُمْ عَنِ السّمْعِ لَمَعْزُولُونَ } .

يقول تعالى ذكره : وَما أهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ من هذه القرى التي وصفت في هذه السور إلاّ لَهَا مُنْذِرُونَ يقول : إلا بعد إرسالنا إليهم رسلاً ينذرونهم بأسنا على كفرهم وسخطنا عليهم ذِكْرَى يقول : إلا لها منذرون ينذرونهم ، تذكرة لهم وتنبيها لهم على ما فيه النجاة لهم من عذابنا . ففي الذكرى وجهان من الإعراب : أحدهما النصب على المصدر من الإنذار على ما بيّنْتُ ، والاَخر : الرفع على الابتداء ، كأنه قيل : ذكرى . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن مجاهد وَما أهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إلاّ لَهَا مُنْذِرُونَ . ذِكْرَى قال : الرسل . قال ابن جُرَيج : وقوله : ذِكْرَى قال : الرسل .

قوله : وما كُنّا ظالِمِينَ يقول : وما كنا ظالميهم في تعذيبناهم وإهلاكهم ، لأنا إنما أهلكناهم ، إذ عتوا علينا ، وكفروا نعمتنا ، وعبدوا غيرنا بعد الإعذار عليهم والإنذار ، ومتابعة الحجج عليهم بأن ذلك لا ينبغي أن يفعلوه ، فأبوا إلا التمادي في الغيّ .

ذِكْرَى يقول : إلا لها منذرون ينذرونهم ، تذكرة لهم وتنبيها لهم على ما فيه النجاة لهم من عذابنا . ففي الذكرى وجهان من الإعراب : أحدهما النصب على المصدر من الإنذار على ما بيّنْتُ ، والاَخر : الرفع على الابتداء ، كأنه قيل : ذكرى . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن مجاهد وَما أهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إلاّ لَهَا مُنْذِرُونَ . ذِكْرَى قال : الرسل . قال ابن جُرَيج : وقوله : ذِكْرَى قال : الرسل .

قوله : وما كُنّا ظالِمِينَ يقول : وما كنا ظالميهم في تعذيبناهم وإهلاكهم ، لأنا إنما أهلكناهم ، إذ عتوا علينا ، وكفروا نعمتنا ، وعبدوا غيرنا بعد الإعذار عليهم والإنذار ، ومتابعة الحجج عليهم بأن ذلك لا ينبغي أن يفعلوه ، فأبوا إلا التمادي في الغيّ .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{ذِكۡرَىٰ وَمَا كُنَّا ظَٰلِمِينَ} (209)

{ ذكرى } له وتبصرة وإقامة حجة لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل{[1]} ، و { ذكرى } عند الكسائي نصب على الحال ، ويصح أن يكون في موضع نصب على المصدر ، وهو قول الزجاج ، ويصح أن يكون في موضع رفع على خبر الابتداء تقديره ذلك ذكرى{[2]} ، ثم نفى عن جهته عز وجل الظلم إذ هو مما لا يليق به .


[1]:- أي فيمن نزلت، أفي المؤمنين جميعا أم في مؤمني أهل الكتاب؟
[2]:- ولم يكن الله ليمتن على رسوله بإيتائه فاتحة الكتاب وهو بمكة، ثم ينزلها بالمدينة، ولا يسعنا القول بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقام بمكة بضع عشرة سنة يصلي بلا فاتحة الكتاب، هذا ما لا تقبله العقول، قاله الواحدي. وقوله تعالى: (ولقد آتيناك...) هو من الآية رقم (87) من سورة الحجر.