قوله : «ذِكْرى » يجوز فيها أوجه :
أحدها : أنها مفعول من أجله ، وإذا كانت مفعولاً من أجله ففي العامل فيها وجهان : أحدهما : «مُنْذِرُونَ » على أنَّ المعنى : منذرون لأجل الموعظة والتذكرة{[38015]} .
قال الزمخشري : والمعنى : وَمَا أَهْلَكْنَا من أهل قريةٍ ظالمين إلاَّ بعد ما ألزمناهم الحجَّة بإرسال المنذرين إليهم ، ليكون تذكرة وعبرةً لغيرهم ، فلا يعصون{[38016]} مثل عصيانهم : ثم قال : وهذا الوجه عليه المُعَوَّل{[38017]} . قال أبو حيان : وهذا لا معوَّل عليه ، فإنَّ مذهب الجمهور أنَّ ما قبل إلاَّ لا يعمل فيما بعدها إلاَّ أن يكون{[38018]} مستثنى أو مستثنى منه ، أو تابعاً له غير معتمدٍ على الأداة نحو : ما مررتُ بأحدٍ إلاَّ زيدٌ خيرٌ من عمرٍو .
والمفعول له{[38019]} ليس واحداً من هذه .
ويتخرَّج مذهبه على مذهب الكسائي والأخفش{[38020]} ، وإن كانا لم ينصَّا على المفعول له بخصوصيته{[38021]} . قال شهاب الدين : والجواب ما تقدم قبل ذلك من أنه يختار مذهب الأخفش{[38022]} .
الثاني من الأوجه الأول{[38023]} : أنها في محل رفع خبراً لمبتدأ محذوف ، أي : هذه ذكرى ، وتكون الجملة اعتراضية{[38024]} .
الثالث : أنها صفة ل «مُنْذِرُونَ » إمَّا على المبالغة ، وإمَّا على الحذف ، أي : مُنْذِرُونَ ذوو{[38025]} ذكرى{[38026]} ، أو على وقوع المصدر وقوع اسم الفاعل . أي : منذرون مذكِّرون . وتقدم تقريره .
الرابع : أنها في محل نصب على الحال ، اي : مذكِّرين ، أو ذوي ذكرى ، أو جعلوا نفس الذكرى مبالغة{[38027]} .
الخامس : أنها منصوبة على المصدر المؤكد ، وفي العامل فيها حينئذ وجهان :
أحدهما : لفظ «مُنْذِرُونَ » لأنه{[38028]} من معناها ، فهما ك ( قَعَدْتُ جُلُوساً ){[38029]} .
والثاني : أنه محذوف من لفظها ، أي : يُذَكِّرُونَ ذكرى{[38030]} ، وذلك المحذوف صفة ل «مُنْذِرُوَن » .
قوله : { وَمَا كُنَّا ظَالِمِينَ } في تعذيبهم ، حيث قدمنا الحجة عليهم ، وأعذرنا إليه ، أو : ما كنا ظالمين فنهلك قوماً غير ظالمين{[38031]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.