ذوقوا مسَّ سقر : ذوقوا حرّ النار وألمها ، فإن مسَّها – أي إصابتها – سبب للتألم بها .
48- { يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ } .
يوم يُجرُّون في النار على وجوههم نكاية لهم وإذلالا لتجبّرهم ، والوجه أكرم شيء في الإنسان ، فإذا رأى الإنسان أذى يتجه إلى وجهه حاول إبعاده عن وجهه بيديه ، لكنه يوم القيامة يُرغم على لقاء العذاب بوجهه ، كما قال سبحانه وتعالى :
{ أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ . . . } ( الزمر : 24 ) .
أي : كما كانوا في سُعُر وشك وتردد ، أورثهم ذلك النار ، ويقال لهم تقريعا وتوبيخا : ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ . أ . ه .
أي : يقال لهم : ذوقوا مس جهنم التي كنتم بها تكذبون بها ، وقاسوا آلامها وعذابها .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
ثم أخبر بمستقرهم في الآخرة، فقال: {يوم يسحبون في النار على وجوههم} بعد العرض تسحبهم الملائكة، وتقول الخزنة: {ذوقوا مس سقر} يعني عذاب سقر...
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
وقوله:"يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النّارِ على وُجُوهِهِمْ "يقول تعالى ذكره: يوم يُسحب هؤلاء المجرمون في النار على وجوههم...
وقوله: "ذُوقُوا مَسّ سَقَرَ" يقول تعالى ذكره: يوم يُسحبون في النار على وجوههم، يقال لهم: ذوقوا مَسّ سقَر، وترك ذكر «يقال لهم» استغناء بدلالة الكلام عليه من ذكره.
فإن قال قائل: كيف يُذاق مسّ سقر، أوَله طعم فيُذاق؟ فإن ذلك مختلف فيه، فقال بعضهم: قيل ذلك كذلك على مجاز الكلام، كما يقال: كيف وجدت طعم الضرب وهو مجاز؟ وقال آخر: ذلك كما يقال: وجدتُ مسّ الحمى، يُراد به أوّل ما نالني منها، وكذلك وجدت طعم عفوك. وأما سَقَرُ فإنها اسم باب من أبواب جهنم.
لطائف الإشارات للقشيري 465 هـ :
سَحْبُهم على الوجوهِ أمارةٌ لإذْلالهم، ولو كان ذلك مرةً واحدةً لكانت عظيمة -فكيف وهو التأبيد والتخليد؟!
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :
والمعنى: يقال لهم على جهة التوبيخ.
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
والسحْبُ: الجَرّ، وهو في النار أشد من ملازمة المكان لأنه به يتجدد مماسة نار أخرى فهو أشد تعذيباً. وجُعل السحْب على الوجوه إهانة لهم.
" يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس سقر " في صحيح مسلم عن أبي هريرة قال : جاء مشركو قريش يخاصمون رسول الله صلى الله عليه وسلم في القدر فنزلت : " يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس سقر . إنا كل شيء خلقناه بقدر " خرجه الترمذي أيضا وقال : حديث حسن صحيح . وروى مسلم عن طاوس قال : أدركت ناسا من أصحاب رسول الله يقولون : كل شيء بقدر . قال : وسمعت عبدالله بن عمر يقول : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( كل شيء بقدر حتى العجز والكَيس - أو الكيس والعجز ) وهذا إبطال لمذهب القدرية . " ذوقوا " أي يقال لهم ذوقوا ، ومسها ما يجدون من الألم عند الوقوع فيها . و " سقر " اسم من أسماء جهنم لا ينصرف ؛ لأنه اسم مؤنث معرفة ، وكذا لظى وجهنم . وقال عطاء : " سقر " الطبق السادس من جهنم . وقال قطرب : " سقر " من سقرته الشمس وصقرته لوحته . ويوم مُسَمْقِرٌ ومُصَمْقِرٌ : شديد الحر .