الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{يَوۡمَ يُسۡحَبُونَ فِي ٱلنَّارِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمۡ ذُوقُواْ مَسَّ سَقَرَ} (48)

قوله : { ذُوقُواْ } : على إرادةِ القولِ ، وقرأ أبو عمروٍ وفي روايةِ محبوبٍ عنه " مَسَّقَر " وخَطَّأه ابن مجاهد . وهو معذورٌ لأنَّ السينَ الأخيرةَ مِنْ " مَسَّ " مُدْغَم فيها فلا تُدْغَمُ في غيرها لأنها متى أُدْغِم فيها لَزِم تحريكُها ، ومتى أُدْغمت هي لَزِم سكونُها فتنافس الجَمْعُ بينهما . قال الشيخ : " والظَّنُّ بأبي عمروٍ أنه لم يُدْغِمْ حتى حَذَفَ أحد الحرفينِ ، لاجتماع الأمثال ثم أَدْغم " قلت : كلامُ ابن مجاهد إنما هو فيما قالوه إنه أدغم ، أمَّا إذا حَذَفَ وأَدْغَمَ فلا إشكالَ .

" وسَقَر " عَلَمٌ لجهنم أعاذَنا اللَّهُ منها مشتقةٌ مِنْ سَقَرَتْه الشمسُ والنارُ ، أي : لَوَّحَتْه ويُقال : صَقَرَتْه بالصاد ، وهي مبدلَةٌ من السين لأجل القاف . قال ذو الرمة :

إذا ذابتِ الشمسُ اتَّقى صَقَراتِها *** بأَفْنانِ مَرْبوع الصَّريمةِ مُعْبِلِ

" وسَقَر " متحتمُ المنعِ ؛ لأن حركةَ الوسطِ تَنَزَّلَتْ مَنْزِلةَ الحرفِ الرابع كعَقْرب وزينب .