ثم يعود السياق إلى الفرع الآخر من ذرية إبراهيم . فيذكر إسماعيل أبا العرب : ( واذكر في الكتاب إسماعيل ، إنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا . وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة ، وكان عند ربه مرضيا ) . .
وينوه من صفات إسماعيل بأنه كان صادق الوعد . وصدق الوعد صفة كل نبي وكل صالح ، فلا بد أن هذه الصفة كانت بارزة في إسماعيل بدرجة تستدعي إبرازها والتنويه بها بشكل خاص .
وهو رسول فلا بد أن كانت له دعوة في العرب الأوائل وهو جدهم الكبير . وقد كان في العرب موحدون أفراد قبيل الرسالة المحمدية ، فالأرجح أنهم بقية الموحدين من أتباع إسماعيل .
القول في تأويل قوله تعالى : { وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولاً نّبِيّاً } .
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : واذكر يا محمد في الكتاب إسماعيل بن إبراهيم ، فاقصص خبره إنه كان لا يكذب وعده ، ولا يخلف ، ولكنه كان إذا وعد ربه ، أو عبدا من عباده وعدا وفى به ، كما :
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، قوله : إنّهُ كانَ صَادِقَ الوَعْدِ قال : لم يَعِدْ ربه عِدة إلا أنجزها .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني عمرو بن الحارث أن سهل بن عقيل ، حدّثه أن إسماعيل عليه السلام وعد رجلاً مكانا أن يأتيه ، فجاء ونسي الرجل ، فظلّ به إسماعيل ، وبات حتى جاء الرجل من الغد ، فقال : ما برحت من هاهنا ؟ قال : لا ، قال : إني نسيت ، قال : لم أكن لأبرح حتى تأتي ، فبذلك كان صادقا .
{ واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد } ذكره بذلك لأنه المشهور به والموصوف بأشياء في هذا الباب لم تعهد من غيره ، وناهيك أنه وعد الصبر على الذبح فقال { ستجدني إن شاء الله من الصابرين } فوفى . { وكان رسولا نبيا } يدل على أن الرسول لا يلزم أن يكون صاحب شريعة ، فإن أولاد إبراهيم كانوا على شريعته .
خصّ إسماعيل بالذكر هنا تنبيهاً على جدارته بالاستقلال بالذكر عقب ذكر إبراهيم وابنه إسحاق ، لأن إسماعيل صار جدّ أمة مستقلة قبل أن يصير يعقوب جدّ أمة ، ولأن إسماعيل هو الابن البكر لإبراهيم وشريكُه في بناء الكعبة . وتقدم ذكر إسماعيل عند قوله تعالى : { وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل } في سورة البقرة ( 127 ) .
وخصه بوصف صدق الوعد لأنه اشتهر به وتركه خُلقاً في ذريته .
وأعظم وعْدٍ صدقَه وعدُه إياه إبراهيم بأن يجده صابراً على الذبح فقال { ستجدني إن شاء الله من الصابرين } [ الصافات : 102 ] .
وجعله الله نبيئاً ورسولاً إلى قومه ، وهم يومئذ لا يعدون أهله أمه وبنيه وأصهاره من جُرهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.