المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَلَوۡ شَآءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ ٱلنَّاسَ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗۖ وَلَا يَزَالُونَ مُخۡتَلِفِينَ} (118)

118- ولو شاء ربك - أيها النبي - لجعل الناس على دين واحد ، مطيعين الله بطبيعة خلقتهم ، كالملائكة ، ولكان العالم غير هذا العالم ، ولكنه سبحانه لم يشأ ذلك ، بل تركهم مختارين ، فلا يزالون مختلفين في كل شيء ، حتى في أصول العقائد ، كالإيمان بالله وملائكته ورسله واليوم الآخر ، مما لا يجوز الخلاف فيه ، تبعاً لميولهم وشهواتهم وتفكيرهم ، يتعصب كل فريق لرأيه ، وما وجد عليه آباءه .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَلَوۡ شَآءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ ٱلنَّاسَ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗۖ وَلَا يَزَالُونَ مُخۡتَلِفِينَ} (118)

100

والتعقيب الأخير عن اختلاف البشر إلى الهدى وإلى الضلال ، وسنة الله المستقيمة في اتجاهات خلقه إلى هذا أو ذاك :

( ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة . ولا يزالون مختلفين - إلا من رحم ربك - ولذلك خلقهم . وتمت كلمة ربك : لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين ) .

لو شاء الله لخلق الناس كلهم على نسق واحد ، وباستعداد واحد . . نسخا مكرورة لا تفاوت بينها ولا تنويع فيها . وهذه ليست طبيعة هذه الحياة المقدرة على هذه الأرض . وليست طبيعة هذا المخلوق البشري الذي استخلفه الله في الأرض .

ولقد شاء الله أن تتنوع استعدادات هذا المخلوق واتجاهاته . وأن يوهب القدرة على حرية الاتجاه . وأن يختار هو طريقه ، ويحمل تبعة الاختيار . ويجازي على اختياره للهدى أوللضلال . . هكذا اقتضت سنة الله وجرت مشيئته . فالذي يختار الهدى كالذي يختار الضلال سواء في أنه تصرف حسب سنة الله في خلقه ، ووفق مشيئته في أن يكون لهذا المخلوق أن يختار ، وأن يلقى جزاء منهجه الذي اختار .