غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَلَوۡ شَآءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ ٱلنَّاسَ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗۖ وَلَا يَزَالُونَ مُخۡتَلِفِينَ} (118)

103

ثم ذكر أن الكل بمشيئته وإرادته فقال :{ ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة } مهدية . والمعتزلة يحملون هذه المشيئة على مشيئة الإلجاء والقسر وقد مر مراراً . { ولا يزالون مختلفين } في الأديان والأخلاق والأفعال ، فمنهم من أنكر العلوم كلها حتى الحسيات والضروريات وهم السوفسطائية ، ومنهم من سلم استنتاج العلوم كلها والمعارف ولم يثبت لهذا العالم الجسماني مبدأ أصلاً وهم الدهرية ، ومنهم من أثبت له مبدأ موجباً بالذات وهم الفلاسفة على ما اشتهر منهم ولهذا المقام تحقيق ليس ههنا موضع بيانه ، ومنهم من أنكر النبوات وهم البراهمة ، ومنهم من أثبتها وهم المسلمون والمجوس واليهود والنصارى . وفي كل واحد من هذه الطوائف اختلافات لا تكاد تدخل تحت الحصر ، وإنما لا يحمل الاختلاف في الآية على الاختلاف في الألوان والألسنة والأرزاق والأعمار بل حملناه على الاختلاف في الأديان وما يتعلق بها لأنه ينبو عن ذلك ما قبل الكلام وهو قوله : { ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة } وما بعده وهو قوله : { إلا من رحم ربك } .