المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{فَإِذَا رَكِبُواْ فِي ٱلۡفُلۡكِ دَعَوُاْ ٱللَّهَ مُخۡلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ فَلَمَّا نَجَّىٰهُمۡ إِلَى ٱلۡبَرِّ إِذَا هُمۡ يُشۡرِكُونَ} (65)

65- هم على ما وُصفوا به من شرك ، فإذا ركبوا السفن في البحر وأدركهم شيء من أهواله توجهوا إلى الله مخلصين له الدعاء أن يكشف عنهم الضر ، فلما نجاهم إلى البر سارعوا بالعودة إلى الإشراك .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَإِذَا رَكِبُواْ فِي ٱلۡفُلۡكِ دَعَوُاْ ٱللَّهَ مُخۡلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ فَلَمَّا نَجَّىٰهُمۡ إِلَى ٱلۡبَرِّ إِذَا هُمۡ يُشۡرِكُونَ} (65)

ثم ألزم تعالى المشركين بإخلاصهم للّه تعالى ، في حالة{[634]} الشدة ، عند ركوب البحر وتلاطم أمواجه وخوفهم الهلاك ، يتركون إذا أندادهم ، ويخلصون الدعاء للّه وحده لا شريك له ، فلما زالت عنهم الشدة ، ونجى{[635]} من أخلصوا له الدعاء إلى البر ، أشركوا به من لا نجاهم من شدة ، ولا أزال{[636]} عنهم مشقة .

فهلا أخلصوا للّه الدعاء في حال الرخاء والشدة ، واليسر والعسر ، ليكونوا مؤمنين به حقا ، مستحقين ثوابه ، مندفعا عنهم عقابه .


[634]:- في ب: حال.
[635]:- كذا في ب، وفي أ: نجاهم.
[636]:- كذا في ب، وفي أ: زال
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَإِذَا رَكِبُواْ فِي ٱلۡفُلۡكِ دَعَوُاْ ٱللَّهَ مُخۡلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ فَلَمَّا نَجَّىٰهُمۡ إِلَى ٱلۡبَرِّ إِذَا هُمۡ يُشۡرِكُونَ} (65)

أفادت الفاء تفريع ما بعدها على ما قبلها ، والمفرع عليه محذوف ليس هو واحد من الأخبار المتقدمة بخصوصه ولكنه مجموع ما تدل عليه قوة الحديث عنهم وما تقتضيه الفاء . والتقدير : هم أي المشركون على ما وُصفوا به من الغفلة عن دلائل الوحداينة وإلغائهم ما في أحوالهم من دلائل الاعتراف لله بها لا يضرعون غلا إلى الله فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله ، فضمائر جمع الغائبين عَائدة إلى المشركين . وهذا انتقال إلى إلزامهم بما يقتضيه دعاؤهم حين لا يشركون فيه إلهاً آخر مع الله بعد إلزامهم بموجبات اعترافاتهم فإنهم يدعون أصنامهم في شؤون من أحوالهم ويستنصرونهم ولكنهم إذا أصابهم هول توجهوا بتضرعهم إلى الله . وإنما خصّ بالذكر حال خوفهم من هول ابحر في هذه الآية وفي آيات كثيرة مثل ما في سورة يونس وما في سورة الإسراء لأن أسفارهم في البر كانوا لا يعتريهم فيها خوفٌ يعم جميع السفر لأنهم كانوا يسافرون قوافلَ ، معهم سلاحهم ، ويمرون بسبل يالفونها فلا يعترضهم خوف عام ، فأما سفرهم في البحر فإنهم يَفْرَقون من هوْله ولا يدفعه عنهم وفرة عدد ولا قوة عُدد ، فهم يضرعون إلى الله بطلب النجاة ولعلهم لا يدعون أصنامهم حينئذ .

فأما تسخير المخلوقات فما كانوا يطمعون به غلا من الله تعالى ، وأيضاً كان يخامرهم الخوف عند ركوبهم في البحر لقلة إلفهم بركوبه إذ كان معظم أسفارهم في البراري . وقد تقدم تعدية الركوب بحرف ( في ) عند قوله { وقال اركبوا فيها } في سورة [ هود : 41 ] . والإخلاص : التمحيص والإفراد . و { الدين } : المعاملة . والمراد به هنا الدعاء ، أي ادعوا الله غير مشركين معه أصنامهم . ويفسر ذلك قوله { فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون } . فجيء بحرف المفاجأة للدلالة على أنهم ابتدروا إلى الإشراك في حين حصولهم في البر ، أي أسرعوا إلى ما اعتادوه من زيارة أصنامهم والذبح لها . والمفاجأة عرفية بحسب ما يقتضيه الإرساء في البر والوصول إلى مواطنهم فكانوا يبادرون بإطعام الطعام عند الرجوع من السفر .