{ وَوَهَبْنَا لَهُ ْ } حين اعتزل قومه { إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ْ } ابن إسحاق { نَافِلَةً ْ } بعدما كبر ، وكانت زوجته عاقرا ، فبشرته الملائكة بإسحاق ، { وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ ْ } ويعقوب ، هو إسرائيل ، الذي كانت منه الأمة العظيمة ، وإسماعيل بن إبراهيم ، الذي كانت منه الأمة الفاضلة العربية ، ومن ذريته ، سيد الأولين والآخرين . { وَكُلَا ْ } من إبراهيم وإسحاق ويعقوب { جَعَلْنَا صَالِحِينَ ْ } أي : قائمين بحقوقه ، وحقوق عباده ، ومن صلاحهم ، أنه جعلهم أئمة يهدون بأمره ، وهذا من أكبر نعم الله على عبده أن يكون إماما يهتدي به المهتدون ، ويمشي خلفه السالكون ، وذلك لما صبروا ، وكانوا بآيات الله يوقنون .
هبة إسحاق له ازدياده له على الكبر وبعد أن يئست زوجه سارة من الولادة .
وهبة يعقوب ازدياده لإسحاق بن إبراهيم في حياة إبراهيم ورؤيته إياه كهلاً صالحاً .
والنافلة : الزيادة غير الموعودة ، فإن إبراهيم سأل ربه فقال { رب هب لي من الصالحين أراد الولد فوُلد له إسماعيل } كما في [ سورة الصافات : 100 ] ، ثم ولُد له إسحاق عن غير مسألة كما في سورة هود فكان نافلة ، وولد لإسحاق يعقوب فكان أيضاً نافلة .
وانتصب { نافلة } على الحال التي عاملها { وهبنا } فتكون حالاً من إسحاق ويعقوب شأن الحال الواردة بعد المفردات أن تعود إلى جميعها .
وتنوين { كُلاً } عوض عن المضاف إليه . والمعنى : وكلَّهم جعلنا صالحين ، أي أصلحنا نفوسهم . والمراد إبراهيم وإسحاق ويعقوب ، لأنهم الذين كان الحديث الأخير عنهم . وأما لوط فإنما ذكر على طريق المعية وسيُخص بالذكر بعد هذه الآية .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
{ووهبنا له} يعني: لإبراهيم {إسحاق} ثم قال: {ويعقوب نافلة} يعني: فضلا على مسألته في إسحاق {وكلا جعلنا} يعني: إبراهيم وإسحاق ويعقوب جعلناهم {صالحين}.
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
يقول تعالى ذكره: ووهبنا لإبراهيم إسحاق ولدا ويعقوب ولد ولده، "نافلةً".
واختلف أهل التأويل في المعنيّ بقوله: "نافِلَةً"؛
فقال بعضهم: عُني به يعقوب خاصة... قال ابن زيد، في قوله: "وَوَهَبْنا لَهُ إسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً" قال: سأل واحدا فقال: ربّ هب لي من الصالحين فأعطاه واحدا، وزاده يعقوب ويعقوب ولد ولده.
وقال آخرون: بل عُني بذلك إسحاقُ ويعقوب، قالوا: وإنما معنى النافلة: العطية، وهما جميعا من عطاء الله أعطاهما إياه...
وقد بيّنا فيما مضى قبل أن النافلة الفضل من الشيء يصير إلى الرجل من أيّ شيء كان ذلك، وكلا ولديه إسحاق ويعقوب كان فضلاً من الله تفضل به على إبراهيم وهبة منه له. وجائز أن يكون عنى به أنه آتاهما إياه جميعا نافلة منه له، وأن يكون عنى أنه آتاه نافلة يعقوب ولا برهان يدلّ على أيّ ذلك المراد من الكلام، فلا شيء أولى أن يقال في ذلك مما قال الله ووهب الله لإبراهيم إسحاق ويعقوب نافلة.
وقوله: "وكُلاّ جَعَلْنا صَالِحِينَ" يعني عاملين بطاعة الله، مجتنبين محارمه. وعني بقوله: "كُلاّ": إبراهيم وإسحاق ويعقوب.
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
وأصل النافلة الغنيمة كقوله: {يسألونك عن الأنفال} [الأنفال: 1] أي الغنائم. والولد وولد الولد فضل منه وعطية وغنيمة، لأنه سمى الولد هبة بقوله: {يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور} [الشورى: 49] وسمى [الوالد مُوهَبا] وخاصة إبراهيم [إذْ] لم يكن يطمع أن يولد له الولد، فكيف يطمع بولد الولد؟
{وكلا جعلنا صالحين} يحتمل قوله: {صالحين} رسلا، أو {صالحين} في كل أمر وكل شيء...
لطائف الإشارات للقشيري 465 هـ :
مَنَّ عليه بأن أخرج مِنْ صلبه مَنْ كان عابِداً لله، ذاكراً له، فإنَّ مفاخِرَ الأبناءِ مناقِبُ للآباء، كما أنَّ مناقبَ الآباء شرفٌ للأبناء.
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي 685 هـ :
{جعلنا صالحين} بأن وفقناهم للصلاح وحملناهم عليه فصاروا كاملين.
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي 1376 هـ :
{جَعَلْنَا صَالِحِينَ} أي: قائمين بحقوقه، وحقوق عباده، ومن صلاحهم، أنه جعلهم أئمة يهدون بأمره، وهذا من أكبر نعم الله على عبده أن يكون إماما يهتدي به المهتدون، ويمشي خلفه السالكون، وذلك لما صبروا، وكانوا بآيات الله يوقنون.
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
لقد ترك إبراهيم -عليه السلام- وطنا وأهلا وقوما، فعوضه الله الأرض المباركة وطنا خيرا من وطنه، وعوضه ابنه إسحاق وحفيده يعقوب أهلا خيرا من أهله، وعوض من ذريته أمة عظيمة العدد قوما خيرا من قومه.
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
والنافلة: الزيادة غير الموعودة، فإن إبراهيم سأل ربه فقال {رب هب لي من الصالحين} أراد الولد فوُلد له إسماعيل كما في [سورة الصافات: 100]، ثم ولُد له إسحاق عن غير مسألة كما في سورة هود فكان نافلة، وولد لإسحاق يعقوب فكان أيضاً نافلة...
" وكلا جعلنا صالحين"...والمعنى: وكلَّهم جعلنا صالحين، أي أصلحنا نفوسهم. والمراد إبراهيم وإسحاق ويعقوب، لأنهم الذين كان الحديث الأخير عنهم، وأما لوط فإنما ذكر على طريق المعية وسيُخص بالذكر بعد هذه الآية.
زهرة التفاسير - محمد أبو زهرة 1394 هـ :
وذكر أنهم صالحون مع أنهم من المصلحين في طريق الحق والهداية إليه، وذلك لأن الصالح في ذات الحق لا بد أن يكون مصلحا، لأنه لا يتم الصلاح إلا إذ جعلنا مصلحا هاديا مرشدا داعيا إلى الحق، وإلى صراط مستقيم، ولذا قال تعالى: {وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين}.
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.