المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَقَالَ نُوحٞ رَّبِّ لَا تَذَرۡ عَلَى ٱلۡأَرۡضِ مِنَ ٱلۡكَٰفِرِينَ دَيَّارًا} (26)

26- وقال نوح - بعد يأسه من قومه - : رب لا تترك على الأرض من الكافرين بك أحداً يدور في الأرض ويدب عليها .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَقَالَ نُوحٞ رَّبِّ لَا تَذَرۡ عَلَى ٱلۡأَرۡضِ مِنَ ٱلۡكَٰفِرِينَ دَيَّارًا} (26)

{ وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا } يدور على وجه الأرض .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَقَالَ نُوحٞ رَّبِّ لَا تَذَرۡ عَلَى ٱلۡأَرۡضِ مِنَ ٱلۡكَٰفِرِينَ دَيَّارًا} (26)

ثم يكمل دعاء نوح الأخير ؛ وابتهاله إلى ربه في نهاية المطاف :

( وقال نوح : رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا . إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا . رب اغفر لي ولوالدي ، ولمن دخل بيتي مؤمنا ، وللمؤمنين والمؤمنات ولا تزد الظالمين إلا تبارا ) . .

فقد ألهم قلب نوح أن الأرض تحتاج إلى غسل يطهر وجهها من الشر العارم الخالص الذي انتهى إليه القوم في زمانه . وأحيانا لا يصلح أي علاج آخر غير تطهير وجه الأرض من الظالمين ، لأن وجودهم يجمد الدعوة إلى الله نهائيا ، ويحول بينها وبين الوصول إلى قلوب الآخرين . وهي الحقيقة التي عبر عنها نوح ، وهو يطلب الإجهاز على أولئك الظالمين إجهازا كاملا لا يبقي منهم ديارا - أي صاحب ديار - فقال : ( إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ) . . ولفظة( عبادك )توحي بأنهم المؤمنون . فهي تجيء في السياق القرآني في مثل هذا الموضع بهذا المعنى . وذلك بفتنتهم عن عقيدتهم بالقوة الغاشمة ، أو بفتنة قلوبهم بما ترى من سلطان الظالمين وتركهم من الله في عافية !

ثم إنهم يوجدون بيئة وجوا يولد فيها الكفار ، وتوحي بالكفر من الناشئة الصغار ، بما يطبعهم به الوسط الذي ينشئه الظالمون ، فلا توجد فرصة لترى الناشئة النور ، من خلال ما تغمرهم به البيئة الضالة التي صنعوها . وهي الحقيقة التي أشار إليها قول النبي الكريم نوح عليه السلام ، وحكاها عنه القرآن : ( ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا ) . . فهم يطلقون في جو الجماعة أباطيل وأضاليل ، وينشئون عادات وأوضاعا ونظما وتقاليد ، ينشأ معها المواليد فجارا كفارا ، كما قال نوح . .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَقَالَ نُوحٞ رَّبِّ لَا تَذَرۡ عَلَى ٱلۡأَرۡضِ مِنَ ٱلۡكَٰفِرِينَ دَيَّارًا} (26)

وقال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا أي أحدا وهو مما يستعمل في النفي العام فيعال من الدار أو الدور وأصله ديوار ففعل به ما بأصل سيد الأفعال وإلا لكان دوارا .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَقَالَ نُوحٞ رَّبِّ لَا تَذَرۡ عَلَى ٱلۡأَرۡضِ مِنَ ٱلۡكَٰفِرِينَ دَيَّارًا} (26)

عطف على { قال نوح رب إنهم عصوني } [ نوح : 21 ] أعقبه بالدعاء عليهم بالإِهلاك والاستئصال بأن لا يبقى منهم أحداً ، أي لا تبق منهم أحداً على الأرض .

وأعيد فعل { قال } لوقوع الفصل بين أقوال نوح بجملة { مما خطيئاتهم } [ نوح : 25 ] الخ ، أو بها وبجملة { ولا تزد الظالمين إلاّ ضلالاً } [ نوح : 24 ] .

وقرنت بواو العطف لتكون مستقلة فلا تتبع جملة { إنهم عصوني للإِشارة إلى أن دَعوة نوح حصلت بعد شكايته بقوله : إنهم عصوني .

و{ ديَّاراً } : اسم مخصوص بالوقوع في النفي يعمّ كل إنسان ، وهو اسم بوزن فَيْعَال مشتق من اسم الدار فعينه واو لأن عين دَار مقدرة واواً ، فأصل ديّار : دَيوار فلما اجتمعت الواو والياء واتصلتا وسبقت إحداهما بالسكون قلبت الواو ياء ثم أدغمت في الياء الزائدة كما فُعل بسيّد وميّت ، ومعنى ديّار : من يحلّ بدار القوم كناية عن إنسان .

ونظير ( ديّار ) في العموم والوقوع في النفي أسماء كثيرة في كلام العرب أبلغها ابن السكيت في « إصلاح المنطق » إلى خمسةٍ وعشرين ، وزاد كُراع النمل سبعة فبلغت اثنين وثلاثين اسماً ، وزاد ابن مالك في « التسهيل » ستة فصارت ثمانية وثلاثين .

ومن أشهرها : آحَد ، ودَيَّار ، وعَريب ، وكلها بمعنى الإِنسان ، ولفظ ( بُدَّ ) بضم الموحدة وتشديد الدال المهملة وهو المفارقة .