وقوله : { يَوْمَ تَشَقَّقُ الأرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا } : وذلك أن الله تعالى {[27383]} ينزل مطرًا من السماء تنبت به أجساد الخلائق في قبورها ، كما ينبت الحب في الثرى بالماء ، فإذا تكاملت الأجساد أمر الله إسرافيل فينفخ في الصور ، وقد أودعت الأرواح في ثقب في الصور ، فإذا نفخ إسرافيل فيه خرجت الأرواح تتوهج بين السماء والأرض ، فيقول الله ، عز وجل : وعزتي وجلالي ، لترجعن كل روح إلى الجسد الذي كانت تعمره ، فترجع كل روح إلى جسدها ، فتدب فيه كما يدب السم في اللديغ وتنشق{[27384]} الأرض عنهم ، فيقومون إلى موقف الحساب سراعا ، مبادرين إلى أمر الله ، عز وجل ، { مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ } [ القمر : 8 ] ، وقال الله تعالى : { يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلا قَلِيلا } [ الإسراء : 52 ] ، وفي صحيح مسلم عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أنا أول من تنشق عنه الأرض " {[27385]} .
وقوله : { ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ } أي : تلك إعادة سهلة علينا ، يسيرة لدينا ، كما قال تعالى : { وَمَا أَمْرُنَا إِلا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ } [ القمر : 50 ] ، وقال تعالى : { مَا خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ } [ لقمان : 28 ] .
إنّ جريتَ على أقوال المفسرين في تفسير الآية السابقة أفادت هذه الآية بياناً لجملة { ذلك يوم الخروج } [ ق : 42 ] أو بدل اشتمال منها مع ما في المعاد منها من تأكيد لمرادفه . وإن جَرَيْتَ على ما ارتيأتُه في محمل الآية السابقة أفادت هذه الجملة استئنافاً استدلالا على إمكان الحشر ووصف حال من أحواله وهو تشقُّق الأرض عنهم ، أي عن أجساد مثيلة لأجسادهم وعن الأجساد التي لم يلحقها الفناء .
وقرأ نافع وابن كثير وابن عامر وأبو جعفر ويعقوب { تشقق } بفتح التاء وتشديد الشين . وأصله تتشقق بتاءين فأدغمت التاء الثانية في الشين بعد قلبها شيناً لتقارب مخرجيها . وقرأه أبو عمرو وعاصم وحمزة والكسائي { تشقق } بتخفيف الشين على حذف تاء التفعل لاستثقال الجمع بين تاءين .
و { سراعاً } حال من ضمير { عنهم } وهو جمع سريع ، أي سراعاً في الخروج أو في المشي الذي يعقبه إلى محل الحساب .
والقول في إعراب { تشقق الأرض عنهم سراعاً ذلك حشر } كالقول في إعراب قوله : { يوم يناد المناد من مكان قريب } [ ق : 41 ] إلى { ذلك يوم الخروج } وكذلك القول في اختلاف اسم الإشارة مثله .
وتقدم المجرور في { علينا } للاختصاص ، أي هو يسير في جانب قدرتنا لا كما زعمه نفاة الحشر .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.