اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{يَوۡمَ تَشَقَّقُ ٱلۡأَرۡضُ عَنۡهُمۡ سِرَاعٗاۚ ذَٰلِكَ حَشۡرٌ عَلَيۡنَا يَسِيرٞ} (44)

قوله : «يَوْمَ تَشَقَّق » يجوز أن يكون بدلاً من «يَوْم » قبله{[52614]} . وقال أبو البقاء : إنه بدل من «يَوْم » الأَوَّل{[52615]} . وفيه نظر من حيث تعدد البدل والمبدل منه واحدٌ . وقد تقدم أنَّ الزَّمخشريَّ مَنَعَهُ .

ويجوز أن يكون «الْيَوْمَ » ظرفاً للمَصِيرِ{[52616]} أي يصيرون إلينا يوم تَشَقَّقُ الأَرْض . وقيل ظرف للخروج . وقيل منصوب ب «يَخْرجُونَ » مقدراً{[52617]} .

وتقدم في الخلاف في «تَشَقَّقُ » في الفُرْقَان{[52618]} .

وقرأ زيد بن علي : «تتشقّق » بفك الإدْغَام{[52619]} .

قوله : «سِرَاعاً » حال من الضمير في «عَنْهُمْ » والعامل فيها «تَشَقَّقُ » .

وقيل : عاملها هو العاقل في «يَوْمَ تَشَقَّقُ » المقدّر أي يَخْرُجُون سراعاً يو تشقق{[52620]} ؛ لأن قوله تعالى : { عَنْهُمْ } يفيد كونهم مفعولين بالتشقق ، فكأن التشقق عُدِّي{[52621]} بحرف الجر ، كما يقال : «كَشَفْتُ عَنْهُ فَهُوَ مَكْشُوفٌ » ، فيصير «سراعاً » هيئة المفعول كأنه قال : مُسْرِعِينَ .

والسراع جمع سريع ، كالكِرَام جمع كَرِيم{[52622]} . وقوله : «ذَلِكَ » يحتمل أن يكون إشارة إلى التَّشقُّق عَنْهُمْ وإشارة إلى الإخراج المدلول عليه بقوله : «سِرَاعاً » ، ويحتمل أن يكون معناه ذلك الحشر حشر يسير{[52623]} . والحَشْر الجمع .

قوله : «عَلَيْنَا » متعلق ب «يَسِيرٌ » ففصل بمعمول الصّفة بينها وبين موصوفها . ولا يضرّ ذلك{[52624]} . ويجوز أن يتعلق بمحذوف على أنه حال منه ؛ لأنه في الأصل يجوز أن يكون نعتاً .

وقال الزمخشري : التقديم للاختصاص ، أي لا يَتيَسَّر{[52625]} ذلك إلا على الله وحده أي هو علينا هيِّن لا على غيرنا وهو إعادة جواب لهم .


[52614]:السابق وأبو حيان في البحر 8/130.
[52615]:التبيان 1177.
[52616]:التبيان المرجع السابق والبحر المحيط السابق أيضا.
[52617]:قال بها دون تحديد من قال بهما أبو حيان في البحر 8/130 و131.
[52618]:عند قوله: {يوم تشقّق السماء بالغمام} وهي الآية 25 منها، فقد قرأ ابن كثير ونافع وابن عامر "تشقّق" بتشديد القاف فقط. وانظر السبعة 607 و608 والإتحاف 399 كما قرئ: تُشقّق بضم التاء مضارع شُقّقت على البناء للمجهول كما قرئ: تنشق مضارع انشقت، وكلتا القراءتين الأخيرتين من الشواذ ولم ينسبها لأحد أبو حيان في البحر 8/130.
[52619]:ذكرها أبو علي الأهوازي في قراءة زيد بن علي من تأليفه وانظر المرجع السابق.
[52620]:البحر السابق والتبيان 1177.
[52621]:في النسختين عدّي وفي الرازي: عند الخروج من القبر.
[52622]:وانظر الرازي 28/190.
[52623]:السابق أيضا.
[52624]:وحسن ذلك كون الصفة فاصلة.
[52625]:قال في الكشاف: "وتقديم الظرف يدل على الاختصاص، يعني لا يتيسر مثل ذلك الأمر العظيم إلا على القادر الأعلى القادر الذات الذي لا يشغله شأن عن شأن" الكشاف 4/12.