المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ جَٰهِدِ ٱلۡكُفَّارَ وَٱلۡمُنَٰفِقِينَ وَٱغۡلُظۡ عَلَيۡهِمۡۚ وَمَأۡوَىٰهُمۡ جَهَنَّمُۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمَصِيرُ} (9)

9- يا أيها النبي : جاهد الكفار الذين أعلنوا كفرهم ، والمنافقين الذين أبطنوه بما تملكه من قوة وحُجة . واشتد على الفريقين في جهادك ، ومستقرهم جهنم ، وبئس المآل مآلهم .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ جَٰهِدِ ٱلۡكُفَّارَ وَٱلۡمُنَٰفِقِينَ وَٱغۡلُظۡ عَلَيۡهِمۡۚ وَمَأۡوَىٰهُمۡ جَهَنَّمُۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمَصِيرُ} (9)

{ 9 } { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ }

يأمر [ الله ] تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم ، بجهاد الكفار والمنافقين ، والإغلاظ عليهم في ذلك ، وهذا شامل لجهادهم ، بإقامة الحجة [ عليهم ودعوتهم ] بالموعظة الحسنة{[1171]} ، وإبطال ما هم عليه من أنواع الضلال ، وجهادهم بالسلاح والقتال لمن أبى أن يجيب دعوة الله وينقاد لحكمه ، فإن هذا يجاهد ويغلظ له ، وأما المرتبة الأولى ، فتكون بالتي هي أحسن ، فالكفار والمنافقون لهم عذاب في الدنيا ، بتسليط الله لرسوله وحزبه [ عليهم و ] على جهادهم وقتالهم ، وعذاب النار في الآخرة وبئس المصير ، الذي يصير إليها كل شقي خاسر .


[1171]:- كذا في ب، وفي أ: بإقامة الحجة والموعظة الحسنة.
 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ جَٰهِدِ ٱلۡكُفَّارَ وَٱلۡمُنَٰفِقِينَ وَٱغۡلُظۡ عَلَيۡهِمۡۚ وَمَأۡوَىٰهُمۡ جَهَنَّمُۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمَصِيرُ} (9)

وفي سبيل حماية الجماعة المسلمة الأولى كان الأمر لرسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] بمجاهدة أعدائها : ( يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين ، واغلظ عليهم ، ومأواهم جهنم وبئس المصير ) . .

وهي لفتة لها معناها وقيمتها بعدما تقدم من أمر المؤمنين بوقاية أنفسهم وأهليهم من النار . وبالتوبة النصوح التي تكفر عنهم السيئات وتدخلهم الجنة تجري من تحتها الأنهار . .

لها معناها وقيمتها في ضرورة حماية المحضن الذي تتم فيه الوقاية من النار . فلا تترك هذه العناصر المفسدة

الجائرة الظالمة ، تهاجم المعسكر الإسلامي من خارجه كما كان الكفار يصنعون . أو تهاجمه من داخله كما كان المنافقون يفعلون .

وتجمع الآية بين الكفار والمنافقين في الأمر بجهادهم والغلظة عليهم . لأن كلا من الفريقين يؤدي دورا مماثلا في تهديد المعسكر الإسلامي ، وتحطيمه أو تفتيته . فجهادهم هو الجهاد الواقي من النار . وجزاؤهم هو الغلظة عليهم من رسول الله والمؤمنين في الدنيا .

( ومأواهم جهنم وبئس المصير )في الآخرة !

وهكذا تتناسق هذه الجولة فيما بين آياتها واتجاهاتها ؛ كما تتناسق بجملتها مع الجولة الأولى في السياق . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ جَٰهِدِ ٱلۡكُفَّارَ وَٱلۡمُنَٰفِقِينَ وَٱغۡلُظۡ عَلَيۡهِمۡۚ وَمَأۡوَىٰهُمۡ جَهَنَّمُۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمَصِيرُ} (9)

يقول تعالى آمرًا رسوله صلى الله عليه وسلم بجهاد الكفار والمنافقين ، هؤلاء بالسلاح والقتال ، وهؤلاء بإقامة الحدود عليهم ، { وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ } أي : في الدنيا ، { وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ } أي : في الآخرة{[29079]} .


[29079]:- (1) في م: " في الأخرى".
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ جَٰهِدِ ٱلۡكُفَّارَ وَٱلۡمُنَٰفِقِينَ وَٱغۡلُظۡ عَلَيۡهِمۡۚ وَمَأۡوَىٰهُمۡ جَهَنَّمُۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمَصِيرُ} (9)

هذه الآية تأكيد لأمر الجهاد وفضله المتقدم ، والمعنى دم على جهاد الكافرين بالسيف ، وجاهد المنافقين بنجههم وإقامة الحدود عليهم وضربهم في كل جرائمهم ، وعند قوة الظن بهم ، ولم يعين الله تعالى لرسوله منافقاً يقع القطع بنفاقه ، لأن التشهد الذي كانوا يظهرون كان ملبساً لأمرهم مشبهاً لهم بالعصاة من الأمة . والغلظة عليهم هي فظاظة القلب والانتهار وقلة الرفق بهم ، وقرأ الضحاك : «وأغلِظ » بسكر اللام وقطع الألف ، وهذان المثلان اللذان للكفار والمؤمنين معناهما : أن من كفر لا يغني عنه شيء ولا ينفعه وَزَرٌ{[11195]} ولو كان متعلقاً بأقوى الأسباب ، وأن من آمن لا يدفعه دافع عن رضوان الله تعالى ولو كان في أسوأ منشأ وأخسر حال . وقال بعض الناس : إن في المثلين عبرة لزوجات النبي محمد عليه السلام ، حين تقدم عتابهن ، وفي هذا بعد لأن النص أنه للكفار يبعد هذا .


[11195]:الوزر: الملجأ والمعتصم.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ جَٰهِدِ ٱلۡكُفَّارَ وَٱلۡمُنَٰفِقِينَ وَٱغۡلُظۡ عَلَيۡهِمۡۚ وَمَأۡوَىٰهُمۡ جَهَنَّمُۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمَصِيرُ} (9)

لما أبلغ الكفار ما سيحل بهم في الآخرة تصريحاً بقوله : { يأيها الذين كفروا لا تعتذروا اليوم } [ التحريم : 7 ] ، وتعريضاً بقوله : { يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه } [ التحريم : 8 ] ، أمَرَ رسولَه صلى الله عليه وسلم بمسمع منهم بأن يجاهدهم ويجاهد المستترين لكفرهم بظاهر الإِيمان نفاقاً ، حتى إذا لم تؤثر فيهم الموعظة بعقاب الآخرة يخشون أن يسلط عليهم عذاب السيف في العاجلة فيقلعوا عن الكفر فيصلح نفوسهم وإنما أمر رسوله صلى الله عليه وسلم بذلك لأن الكفار تألبُوا مع المنافقين بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم فاتخذوهم عيوناً لهم وأيدي يدسُّون بها الأذى للنبيء صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين .

فهذا نداء ثان للنبيء صلى الله عليه وسلم يأمره بإقامة صلاح عموم الأمة بتطهيرها من الخبثاء بعد أن أمره بإفاقة من عليهما الغفلة عن شيء من واجب حسن المعاشرة مع الزوج .

وجهاد الكفار ظاهر ، وأما عطف { المنافقين } على { الكفار } المفعول ل { جاهد } فيقتضي أن النبي صلى الله عليه وسلم مأمور بجهاد المنافقين وكان حال المنافقين ملتبساً إذ لم يكن أحد من المنافقين معلناً بالكفر ولا شُهد على أحد منهم بذلك ولم يعين الله لرسوله صلى الله عليه وسلم منافقاً يوقن بنفاقه وكفره أو أطلعه إطلاعاً خاصاً ولم يأمره بإعلانه بين المسلمين كما يؤخذ ذلك من أخبار كثيرة في الآثار .

فتعين تأويل عطف { المنافقين } على { الكفار } إما بأن يكون فعل { جاهد } مستعملاً في حقيقته ومجازه وهما الجهاد بالسيف والجهاد بإقامة الحجة والتعريض للمنافق بنفاقه فإن ذلك يطلق عليه الجهاد مجازاً كما في قوله صلى الله عليه وسلم " رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر " ، وقوله للذي سأله الجهاد فقال له : « ألك أبوان ؟ قال : نعم ، قال : ففيهما فجاهد » .

وعندي أن الأقرب في تأويل هذا العطف أن يكون المراد منه إلقاء الرعب في قلوب المنافقين ليشعروا بأن النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين بالمرصاد بهم فلو بدت من أحدهم بادرة يعلم منها نفاقه عومل معاملة الكافر في الجهاد بالقتل والأسر فيحذروا ويكفوا عن الكيد للمسلمين خشية الافتضاح فتكون هذه الآية من قبيل قوله تعالى : { لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلاً ملعونين أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلاً } [ الأحزاب : 60 ، 61 ] .

والغلظة : حقيقتها صلابة الشيء وهي مستعارة هنا للمعاملة بالشدة بدون عفو ولا تسامح ، أي كن غليظاً ، أي شديداً في إقامة ما أمر الله به أمثالهم . وتقدم عند قوله تعالى : { وليجدوا فيكم غلظة } في سورة [ براءة : 123 ] ، وقوله : { ولو كنت فظاً غليظ القلب } في سورة [ آل عمران : 159 ] .

والمأوى : المسكن ، وهو مفعل من أوى إذا رجع لأن الإِنسان يرجع إلى مسكنه .