ولما ذكر ما تقدم من لينه صلى الله عليه وسلم لأضعف الناس النساء وحسن أدبه وكريم عشرته لأنه مجبول على الشفقة على عباد{[66525]} الله والرحمة لهم ، وختم بما للمؤمنين من الشرف ولله من تمام القدرة ، أنتج ذلك القطع بإذلال أعدائهم{[66526]} وإخزائهم فقال مدارياً لهم من خطر{[66527]} ذلك اليوم بيد أنصح الخلق ليكون{[66528]} صلى الله عليه وسلم جامعاً في طاعته سبحانه وتعالى بين المتضادات من اللين والشدة والرضى والغضب والحلم والانتقام وغيرها{[66529]} ، فيكون ذلك أدل على التعبد لله بما أمر به سبحانه وتعالى والتخلق بأوامره وكل ما يرضيه : { يا أيها النبي } منادياً بأداة التوسط إسماعاً للأمة الوسطى تنبيهاً على أنهم المنادون{[66530]} في الحقيقة ، ولأجل دلالتها على التوسط والله أعلم كان لا يتعقبها إلا ما له شأن عظيم ، معبراً بالوصف الدال على الرفعة بالإعلام بالأخبار الإلهية المبني على الإحكام والعظمة المثمرة{[66531]} للغلبة ، وأما وصف الرسالة فيغلب فيه الرحمة فيكثر إقباله على{[66532]} اللين والمسايسة{[66533]} نظراً إلى وصف الربوبية : { جاهد الكفار } أي المجاهرين{[66534]} بكل ما يجهدهم فيكفهم من السيف وما دونه ليعرف أن الأسود إنما اكتسبت من صولتك ، فيعرف أن ذلك اللين لأهل الله إنما هو من تمام عقلك وغزير علمك وفضلك ، وكبير حلمك وخوفك من الله ونبلك : { والمنافقين } أي{[66535]} المساترين بما يليق بهم من الحجة إن استمروا على المساترة ، والسيف إن احتيج إليه إن أبدوا نوع مظاهرة { وأغلظ } أي كن غليظاً بالفعل والقول بالتوبيخ والزجر والإبعاد{[66536]} والهجر { عليهم } فإن الغلظة عليهم من اللين لله كما أن اللين لأهل الله من خشية الله ، وقد أمره سبحانه باللين لهم{[66537]} في أول الأمر لإزالة أعذارهم{[66538]} وبيان إصرارهم ، فلما بلغ الرفق أقصى مداه جازه إلى الغلظة وتعداه ، وقد بان بهذه الآية أن أفعل التفضيل في قول النسوة لعمر رضي الله عنه : " أنت أفظ وأغلظ من رسول الله صلى الله عليه وسلم " على بابه ولا محذور .
ولما كان انتقام الولي من العدو إنما هو لله سبحانه وتعالى ، لاحظ له فيه ، فكان موجباً لعدم اكتفاء الله به في حق الولي ، فكان التقدير : فإنهم ليس لهم عصمة ولا حرمة في الدنيا ولا قوة وإن لاح في أمرهم خلاف ذلك ، عطف عليه قوله{[66539]} : { ومأواهم } أي في الآخرة{[66540]} { جهنم } أي{[66541]} الدركة النارية التي تلقى داخلها بالعبوسة والكراهة .
ولما كان التقدير : إليها مصيرهم لا محالة ، عطف عليه قوله : { وبئس المصير * } أي هي ، فذلك جزاء الله لهم عن الإساءة إلى أوليائه والانتقاص لأحبائه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.