اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ جَٰهِدِ ٱلۡكُفَّارَ وَٱلۡمُنَٰفِقِينَ وَٱغۡلُظۡ عَلَيۡهِمۡۚ وَمَأۡوَىٰهُمۡ جَهَنَّمُۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمَصِيرُ} (9)

قوله تعالى :{ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ( 9 ) }

أمره أن يجاهدَ الكُفَّار بالسيف ، والمواعظ الحسنة ، والدعاء إلى الله ، والمنافقين بالغلظة ، وإقامة الحُجَّة أن يعرفهم أحوالهم في الآخرة ، وأنه لا نُور لهم يجوزون به على الصِّراط مع المؤمنين .

وقال الحسنُ : أي : جاهدهم بإقامة الحدود عليهم ، فإنهم كانوا يرتكبون موجبات الحدود وكانت الحدودُ تقامُ عليهم { وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ } يرجع إلى الصنفين { وَبِئْسَ المصير } أي : المرجع{[57261]} .

قال ابن الخطيب{[57262]} : وفي مخاطبة النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : { يا أيها النبي } في أول السورة وفي هذه الآية ووصفه بالنبي لا باسمه ، كقوله لآدم : { يا آدم }[ البقرة : 35 ] ، وموسى { يا موسى }[ طه : 11 ] ، ولعيسى { يا عيسى } [ المائدة : 116 ] دليل على فضيلته عليهم .

فإن قيل : قوله : { وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ } يدل على أن مصيرهم بئس المصيرُ ، فما فائدة ذلك ؟ فالجوابُ : أن مصيرهم بئس المصير مطلقاً ، والمطلق يدل على الدوام ، وغير المطلق لا يدل على الدوام .


[57261]:ذكره القرطبي في "تفسيره" (18/131)
[57262]:ينظر: الفخر الرازي 30/43.