المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{لَا شَرِيكَ لَهُۥۖ وَبِذَٰلِكَ أُمِرۡتُ وَأَنَا۠ أَوَّلُ ٱلۡمُسۡلِمِينَ} (163)

163- ولا شريك له في الخلق ، ولا في استحقاق العبادة ، وقد أمرني ربي بذلك الإخلاص في التوحيد والعمل ، وأنا أول المذعنين الممتثلين ، وأكملهم إذعاناً وتسليماً .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{لَا شَرِيكَ لَهُۥۖ وَبِذَٰلِكَ أُمِرۡتُ وَأَنَا۠ أَوَّلُ ٱلۡمُسۡلِمِينَ} (163)

{ لَا شَرِيكَ لَهُ } في العبادة ، كما أنه ليس له شريك في الملك والتدبير ، وليس هذا الإخلاص لله ابتداعا مني ، وبدعا أتيته من تلقاء نفسي ، بل { بِذَلِكَ أُمِرْتُ } أمرا حتما ، لا أخرج من التبعة إلا بامتثاله { وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ } من هذه الأمة .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{لَا شَرِيكَ لَهُۥۖ وَبِذَٰلِكَ أُمِرۡتُ وَأَنَا۠ أَوَّلُ ٱلۡمُسۡلِمِينَ} (163)

154

في " إسلام " كامل لا يستبقي في النفس ولا في الحياة بقية لا يعبدها لله ، ولا يحتجز دونه شيئاً في الضمير ولا في الواقع . . ( وبذلك أمرت ) . . فسمعت وأطعت : ( وأنا أول المسلمين ) .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{لَا شَرِيكَ لَهُۥۖ وَبِذَٰلِكَ أُمِرۡتُ وَأَنَا۠ أَوَّلُ ٱلۡمُسۡلِمِينَ} (163)

{ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ }{[11515]} .

وقوله : { وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ } قال قتادة : أي من هذه الأمة .

وهو كما قال ، فإن جميع الأنبياء قبله كلهم كانت دعوتهم إلى الإسلام ، وأصله عبادة الله وحده لا شريك له ، كما قال : { وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ } [ الأنبياء : 25 ] ، وقد أخبر تعالى عن نوح أنه قال لقومه : { فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلا عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ } [ يونس : 72 ] ، وقال تعالى : { وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ . إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ . وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } [ البقرة : 130 - 132 ] ، وقال يوسف ، عليه السلام : { رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الأحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ } [ يوسف : 101 ] ، وَقَالَ مُوسَى { يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ فَقَالُوا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ } [ يونس : 84 - 86 ] ، وقال تعالى : { إِنَّا أَنزلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأحْبَارُ [ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ }{[11516]} الآية[ المائدة : 44 ] ، وقال تعالى : { وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ } [ المائدة : 111 ] .

فأخبر [ الله ]{[11517]} تعالى أنه بعث رسله بالإسلام ، ولكنهم متفاوتون فيه بحسب شرائعهم الخاصة التي ينسخ بعضها بعضًا ، إلى أن نسخت بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم التي لا تنسخ أبد الآبدين ، ولا تزال قائمة منصورة ، وأعلامها مشهورة{[11518]} إلى قيام الساعة ؛ ولهذا قال عليه [ الصلاة و ]{[11519]} السلام : " نحن مَعاشِر الأنبياء أولاد عَلات ديننا واحد " {[11520]} فإن أولاد العلات هم الأخوة من أب واحد وأمهات شَتَّى ، فالدين واحد وهو عبادة الله وحده لا شريك له ، وإن تنوعت الشرائع التي هي بمنزلة الأمهات ، كما أن إخوة الأخياف{[11521]} عكس هذا ، بنو الأم الواحدة من آباء شتى ، والأخوة الأعيان الأشقاء من أب واحد وأم واحدة ، والله أعلم .

وقد قال الإمام أحمد : حدثنا أبو سعيد ، حدثنا عبد العزيز بن عبد الله الماجشُون ، حدثنا عبد الله ابن الفضل الهاشمي ، عن الأعرج ، عن عبيد الله بن أبي رافع ، عن علي رضي الله عنه ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا كبر استفتح ، ثم قال : " { وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ } [ الأنعام : 79 ] ، { إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ . لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ } اللهم أنت الملك ، لا إله إلا أنت ، أنت ربي وأنا عبدك ، ظلمت نفسي واعترفت بذنبي ، فاغفر لي ذنوبي جميعًا ، لا{[11522]} يغفر الذنوب إلا أنت . واهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت . واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت . تباركت وتعاليت ، أستغفرك وأتوب إليك " .

ثم ذكر تمام الحديث فيما يقوله في الركوع والسجود والتشهد . وقد رواه مسلم في صحيحه{[11523]} .


[11515]:وفي إسناده انقطاع، فإن يزيد بن أبي حبيب لم يسمع من ابن عباس، قال الدارقطني في العلل: "لم يسمع من أحد من الصحابة".
[11516]:زيادة من م، أ.
[11517]:زيادة من أ.
[11518]:في أ: "منشورة".
[11519]:زيادة من أ.
[11520]:رواه البخاري في صحيحه برقم (3442، 3443) من حديث أبي هريرة، رضي الله عنه.
[11521]:في أ: "الأختان".
[11522]:في م: "إنه لا".
[11523]:المسند (1/94) وصحيح مسلم برقم (771).
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{لَا شَرِيكَ لَهُۥۖ وَبِذَٰلِكَ أُمِرۡتُ وَأَنَا۠ أَوَّلُ ٱلۡمُسۡلِمِينَ} (163)

القول في تأويل قوله تعالى : { قُلْ إِنّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوّلُ الْمُسْلِمِينَ } .

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : قُلْ يا محمد لهؤلاء العادلين بربهم الأوثان والأصنام ، الذين يسألونك أن تتّبع أهواءهم على الباطل من عبادة الاَلهة والأوثان : إنّ صَلاتي ونُسُكي يقول : وذبحي . وَمحْيايَ يقول : وحياتي . وَمَماتِي يقول : ووفاتي . لِلّهِ رَبّ العالَمِينَ يعني أن ذلك كله له خالصا دون ما أشركتم به أيها المشركون من الأوثان . لا شَرِيكَ لَهُ في شَيْءٍ من ذلك من خلقه ، ولا لشيء منهم فيه نصيب ، لأنه لا ينبغي أن يكون ذلك إلا له خالصا . وبذلكَ أُمِرْتُ يقول : وبذلك أمرني ربي . وأنا أوّلُ المُسْلِمِينَ يقول : وأنا أوّل من أقرّ وأذعن وخضع من هذه الأمة لربه ، بأن ذلك كذلك .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال : النسك في هذا الموضع : الذبح :

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا حكام ، عن عنبسة ، عن محمد بن عبد الرحمن ، عن القاسم بن أبي بزّة ، عن مجاهد : إنّ صَلاتي ونُسُكي قال : النسك : الذبائح في الحجّ والعُمرة .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله : ونُسُكي : ذبيحتي في الحجّ والعُمرة .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : ونُسُكي : ذبيحتي في الحجّ والعُمرة .

حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن إسماعيل ، وليس بابن أبي خالد ، عن سعيد بن جبير ، في قوله : صَلاتِي ونُسُكي قال : ذبحي .

حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا الثوريّ ، عن إسماعيل ، عن سعيد بن جبير ، في قوله : صَلاتي ونُسُكي قال : ذبيحتي .

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، عن سفيان ، عن إسماعيل بن جبير ، قال ابن مهدي : لا أدري من إسماعيل هذا . صَلاتِي ونَسُكي قال : صلاتي وذبيحتي .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا عبد الرزاق ، قال : حدثنا الثوريّ ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن سعيد بن جبير ، في قوله : صَلاتي ونُسُكي قال : وذبيحتي .

حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : ونُسُكي قال ذبحي .

حدثني محمد بن الحسين ، قال : حدثنا أحمد بن المفضل ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ ، قوله : ونُسُكي قال : ذبيحتي .

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا المحاربي ، عن جويبر ، عن الضحاك : صَلاتي ونُسُكي قال : الصلاة : الصلاة ، والنسك : الذبح .

وأما قوله : وأنا أوّلُ المُسْلِمِينَ فإن :

محمد بن عبد الأعلى حدثنا ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر عن قتادة وأنا أوّلُ المُسْلِمِينَ قال : أوّل المسلمين من هذه الأمة .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{لَا شَرِيكَ لَهُۥۖ وَبِذَٰلِكَ أُمِرۡتُ وَأَنَا۠ أَوَّلُ ٱلۡمُسۡلِمِينَ} (163)

{ لا شريك له } خالصة له لا أشرك فيها غيرا . { وبذلك } القول أو الإخلاص . { أمرت وأنا أول المسلمين } لأن إسلام كل نبي متقدم على إسلام أمته .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{لَا شَرِيكَ لَهُۥۖ وَبِذَٰلِكَ أُمِرۡتُ وَأَنَا۠ أَوَّلُ ٱلۡمُسۡلِمِينَ} (163)

وقوله تعالى : { وأنا أول المسلمين } أي من هذه الأمة ، وقال النقاش من أهل مكة .

قال القاضي أبو محمد : والمعنى واحد بل الأول أعم وأحسن وقرأت فرقة «وأنا » بإشباع الألف وجمهور القراء على القراءة «وأنا » دون إشباع ، وهذا كله في الوصل .

قال القاضي أبو محمد : وترك الإشباع أحسن لأنها ألف وقف فإذا اتصل الكلام استغنى عنها لا سيما إذا وليتها همزة .