اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{لَا شَرِيكَ لَهُۥۖ وَبِذَٰلِكَ أُمِرۡتُ وَأَنَا۠ أَوَّلُ ٱلۡمُسۡلِمِينَ} (163)

ثمَّ نصَّ على أنَّه لا شَريكَ لَهُ في الخَلْق ، والتقدير ، ثم قال : " وبذلِك أمِرْتُ " وبهذا التَّوحيد أمِرْت ، ثم يقول : " وأنا أول المُسْلِمين " أي : المُستَسْلِمين لِقضَاء اللَّه وقدَره ، ومَعْلُوم أنَّه لَيْس أوَّلاً لكلِّ مُسْلِمٍ ، فوجب أن يكُون المراد : كَوْنه أوّلاً لِمُسْلِمِي زَمَانه .

فصل في استفتاح الصلاة بهذا الدعاء

قال القرطبي{[15686]} - رحمه الله - : " ذكر الطبري ، عن الشَّافعي - رحمه الله - أن في قوله –تعالى- : { قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي ربي إلى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } إلى قوله { رَبِّ العالمين } ما يَدُلُّ على افْتِتَاح الصَّلاة بهذا الذِّكْر ؛ فإن اللَّه -سبحانه وتعالى- أمر نبيِّه صلى الله عليه وسلم به ، وأنْزَله في كِتَابه ، ثم ذكر حديث عليِّ - رضي الله عنه - كان إذا افْتِتَح الصلاة قال : وجَّهْت وَجْهِي للَّذِي فَطَر السماوات والأرْضَ حَنِيفاً وما أنا من المُشْركِين ، إنَّ صَلاَتي ونُسُكي ومَحْيَاي ومَمَاتِي للَّه ربِّ العالمين ، لا شَرِيكَ لهُ وبذلك أمِرْت وأنا أوَّل المُسْلِمِين{[15687]} .


[15686]:ينظر: القرطبي 7/99.
[15687]:أخرجه مسلم (1/534، 536) كتاب صلاة المسافرين: باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه حديث (201/771).