القول في تأويل قوله تعالى : { يَوْمَ تَمُورُ السّمَآءُ مَوْراً * وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْراً } .
يقول تعالى ذكره : إن عذاب ربك لواقع يَوْمَ تَمُورُ السّماءُ مَوْرا فيوم من صلة واقع ، ويعني بقوله : تمور : تدور وتكفأ . وكان معمر بن المثنى يُنشد بيت الأعشى :
كأنّ مِشْيَتَها مِنْ بَيْتِ جارَتِها *** مَوْرُ السّحابَةِ لا رَيْثٌ وَلا عَجَلُ
فالمور على روايته : التكفؤ والترهيل في المشية ، وأما غيره فإنه كان يرويه مرّ السحابة .
واختلف أهل التأويل في تأويل ذلك ، فقال بعضهم فيه نحو الذي قلنا فيه . ذكر من قال ذلك :
حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : يَوْمَ تَمُورُ السّماءُ مَوْرا قال : يقول : تحريكا .
حدثنا ابن المثنى وعمرو بن مالك ، قالا : حدثنا أبو معاوية الضرير ، عن سفيان بن عُيينة ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : يَوْمَ تَمُورُ السّماءُ مَوْرا قال : تدور السماء دَوْرا .
حدثنا الحسن بن عليّ الصدائي ، قال : حدثنا إبراهيم بن بشار ، قال : حدثنا سفيان بن عيينة قال : أخبروني عن معاوية الضرير ، عني ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد يَوْمَ تَمُورُ السّماءُ مَوْرا قال : تدور دورا .
حدثنا هارون بن حاتم المقري ، قال : حدثنا سفيان بن عيينة ، قال : ثني أبو معاوية ، عني ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد يَوْمَ تَمُورُ السّماءُ مَوْرا قال : تدور دورا .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : يَوْمَ تَمُورُ السّماءُ مَوْرا مورها : تحريكها .
حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : حدثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : يَوْمَ تَمُورُ السّماءُ مَوْرا يعني : استدارتها وتحريكها لأمر الله ، وموج بعضها في بعض .
حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، قال : قال الضحاك يَوْم تَمُورُ السّماءُ مَوْرا قال : تموج بعضها في بعض ، وتحريكها لأمر الله .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : يَوْمَ تَمُورُ السّماءُ مَوْرا قال : هذا يوم القيامة ، وأما المور : فلا علم لنا به .
وقال آخرون : مورها : تشققها . ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : يَوْمَ تَمُورُ السّماءُ مَوْرا قال : يوم تشقّق السماء .
يجوز أن يتعلق { يوم تمور السماء } بقوله : { لواقع } [ الذاريات : 7 ] على أنه ظرف له فيكون قوله : { فويل يومئذٍ للمكذبين } تفريعاً على الجملة كلها ويكون العذاب عذاب الآخرة .
ويجوز أن يكون الكلام قد تم عند قوله : { إن عذاب ربك لواقع } [ الذاريات : 7 ] ، فيكون { يوم } متعلقاً بالكون الذي بين المبتدأ والخبر في قوله : { فويل يومئذٍ للمكذبين } وقدم الظرف على عامله للاهتمام ، فلما قدم الظرف اكتسب معنى الشرطية وهو استعمال متبع في الظروف والمجرورات التي تُقدم على عواملها فلذلك قرنت الجملة بعده بالفاء على تقدير : إن حَلَّ ذلك اليوم فويل للمكذبين .
وقوله : { يومئذٍ } على هذا الوجه أريد به التأكيد للظرف فحصل تحقيق الخبر بطريقين طريق المجازاة ، وطريق التأكيد في قوله : { يوم تمور السماء موراً } الآية ، تصريح بيوم البعث بعد أن أشير إليه تضمناً بقوله : { إن عذاب ربك لواقع } فحصل بذلك تأكيده أيضاً .
والمور بفتح الميم وسكون الواو : التحرك باضطراب ، ومور السماء هو اضطراب أجسامها من الكواكب واختلال نظامها وذلك عند انقراض عالم الحياة الدنيا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.