المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{أَهَـٰٓؤُلَآءِ ٱلَّذِينَ أَقۡسَمۡتُمۡ لَا يَنَالُهُمُ ٱللَّهُ بِرَحۡمَةٍۚ ٱدۡخُلُواْ ٱلۡجَنَّةَ لَا خَوۡفٌ عَلَيۡكُمۡ وَلَآ أَنتُمۡ تَحۡزَنُونَ} (49)

49- هؤلاء الضعفاء الذين استكبرتم عليهم ، وأقسمتم أنه لا يمكن أن ينزل الله عليهم رحمة ، كأنكم تمسكون رحمته ، قد دخلوا الجنة ؛ وقال لهم ربهم : ادخلوها آمنين ، فلا خوف عليكم من أمر يستقبلكم ، ولا أنتم تحزنون على أمر فاتكم .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{أَهَـٰٓؤُلَآءِ ٱلَّذِينَ أَقۡسَمۡتُمۡ لَا يَنَالُهُمُ ٱللَّهُ بِرَحۡمَةٍۚ ٱدۡخُلُواْ ٱلۡجَنَّةَ لَا خَوۡفٌ عَلَيۡكُمۡ وَلَآ أَنتُمۡ تَحۡزَنُونَ} (49)

ثم أشاروا لهم إلى أناس من أهل الجنة كانوا في الدنيا فقراء ضعفاء يستهزئ بهم أهل النار ، فقالوا لأهل النار : { أَهَؤُلَاءِ } الذين أدخلهم اللّه الجنة { الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لَا يَنَالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ } احتقارا لهم وازدراء وإعجابا بأنفسكم ، قد حنثتم في أيمانكم ، وبدا لكم من اللّه ما لم يكن لكم في حساب ، { ادْخُلُوا الْجَنَّةَ } بما كنتم تعملون ، أي : قيل لهؤلاء الضعفاء إكراما واحتراما : ادخلوا الجنة بأعمالكم الصالحة { لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ } فيما يستقبل من المكاره { وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ } على ما مضى ، بل آمنون مطمئنون فرحون بكل خير .

وهذا كقوله تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ } إلى أن قال { فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ } واختلف أهل العلم والمفسرون ، من هم أصحاب الأعراف ، وما أعمالهم ؟

والصحيح من ذلك ، أنهم قوم تساوت حسناتهم وسيئاتهم ، فلا رجحت سيئاتهم فدخلوا النار ، ولا رجحت حسناتهم فدخلوا الجنة ، فصاروا في الأعراف ما شاء اللّه ، ثم إن اللّه تعالى يدخلهم برحمته الجنة ، فإن رحمته تسبق وتغلب غضبه ، ورحمته وسعت كل شيء .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أَهَـٰٓؤُلَآءِ ٱلَّذِينَ أَقۡسَمۡتُمۡ لَا يَنَالُهُمُ ٱللَّهُ بِرَحۡمَةٍۚ ٱدۡخُلُواْ ٱلۡجَنَّةَ لَا خَوۡفٌ عَلَيۡكُمۡ وَلَآ أَنتُمۡ تَحۡزَنُونَ} (49)

37

ثم يذكرونهم بما كانوا يقولونه عن المؤمنين في الدنيا من أنهم ضالون ، لا ينالهم الله برحمة :

( أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة ! ) !

انظروا الآن أين هم ؟ وماذا قيل لهم :

( ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون ) . .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{أَهَـٰٓؤُلَآءِ ٱلَّذِينَ أَقۡسَمۡتُمۡ لَا يَنَالُهُمُ ٱللَّهُ بِرَحۡمَةٍۚ ٱدۡخُلُواْ ٱلۡجَنَّةَ لَا خَوۡفٌ عَلَيۡكُمۡ وَلَآ أَنتُمۡ تَحۡزَنُونَ} (49)

القول في تأويل قوله تعالى : { أَهََؤُلآءِ الّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لاَ يَنَالُهُمُ اللّهُ بِرَحْمَةٍ ادْخُلُواْ الْجَنّةَ لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَنتُمْ تَحْزَنُونَ } .

اختلف أهل التأويل في المعنيين بهذا الكلام ، فقال بعضهم : هذا قيل الله لأهل النار توبيخا لهم على ما كان من قيلهم في الدنيا لأهل الأعراف عند إدخاله أصحاب الأعراف الجنة . ذكر من قال ذلك :

حدثني المثنى ، قال : حدثنا عبد الله بن صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قال : أصحاب الأعراف : رجال كانت لهم ذنوب عظام ، وكان حَسْمُ أمرهم لله ، يقومون على الأعراف ، فإذا نظروا إلى أهل الجنة طمعوا أن يدخلوها ، وإذا نظروا إلى أهل النار تعوّذوا بالله منها ، فأدخلوا الجنة . فذلك قوله تعالى : أهَؤُلاءِ الّذِينَ أقْسَمْتُمْ لا يَنالُهمُ اللّهُ بِرَحْمَةٍ يعني أصحاب الأعراف ، ادْخُلُوا الجَنّةَ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلا أنْتُمْ تَحْزَنُونَ .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا سويد ، قال : أخبرنا ابن المبارك ، عن جويبر ، عن الضحاك ، قال : قال ابن عباس : إن الله أدخل أصحاب الأعراف الجنة لقوله : ادْخُلُوا الجَنّةَ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلا أنْتُمْ تَحْزَنُونَ .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : قال الله لأهل التكبر والأموال : أهَؤُلاءِ الّذِينَ أقْسَمْتُمْ لا يَنالُهُمْ اللّهُ بِرَحْمَةِ يعني أصحاب الأعراف ، ادْخُلُوا الجَنّةَ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلا أنْتُمْ تَحْزَنُونَ .

حدثني محمد بن الحسين ، قال : حدثنا أحمد بن المفضل ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ : أهَؤُلاءِ الضعفاء الّذِينَ أقْسَمْتُمْ لا يَنالُهُمُ اللّهُ بِرَحْمَةٍ ادْخُلُوا الجَنّةَ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلا أنْتُمْ تَحْزَنُونَ . قال : فقال حُذيفَة : «أصحَابُ الأعْرَافِ قَوْمٌ تَكافَأتْ أعْمالُهُمْ فَقَصّرَتْ بِهِمْ حَسنَاتُهُمْ عَنِ الجَنّةِ ، وَقَصّرَتْ بِهِمْ سَيّئاتُهُمْ عَنِ النارِ ، فَجُعلُوا على الأعْرَافِ يَعْرِفونَ النّاسَ بِسِيماهُمْ . فَلَمّا قُضِيَ بينَ العِبادِ ، أُذِنَ لَهُمْ فِي طَلَبِ الشّفاعَةِ ، فَأتَوْا آدَمَ عَلَيْهِ السّلامُ ، فَقالُوا : يا آدَمُ أنْتَ أبُونا فاشْفَعْ لَنا عِنْدَ رَبّكَ فَقالَ : هَلْ تَعْلَمُونَ أحَدا خَلَقَه اللّهُ بِيَدِهِ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَسَبَقَتْ رَحْمَةُ اللّهِ إلَيْهِ غَضَبَهُ وَسجَدَتْ لَهُ المَلائِكَةُ غيرِي ؟ فَيَقُولُونَ لا . قال : فَيَقُولُ : ما عَلِمتُ كُنْهَ ما أسْتَطِيعُ أنْ أشْفَعَ لَكُمْ ، وَلَكِنْ ائْتُوا ابْنِي إبْرَاهِيمَ قال : فَيَأْتُونَ إبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السّلامُ ، فَيَسأَلُونَهُ أنْ يَشْفَعَ لَهُمْ عِنْدَ رَبّهِ ، فَيَقُولُ هَلْ تَعْلَمُونَ مِنْ أحَدٍ اتّخَذَهُ اللّهُ خَلِيلاً ؟ هَلْ تَعْلَمونَ أحَدا أحْرَقَهُ قَوْمُهُ فِي النّارِ فِي الله غيرِي ؟ فَيَقُولونَ : لا فَيَقُولُ : ما عَلِمْتُ كُنْهَ ما أسْتَطِيعُ أنْ أشْفَعَ لَكُمْ ، وَلَكِنِ ائْتُوا ابني موسى فَيَأْتُونَ مِوسَى عَلَيْهِ السّلامُ ، فَيَقُولُ : هَلْ تَعْلَمُونَ مِنْ أحَدٍ كَلّمَهُ اللّهُ تَكْلِيما وَقَرّبَهُ نَجِيّا غيرِي ؟ فَيَقُولُونَ : لا ، فَيَقُولُ : ما عَلِمْتُ كُنْهَ ما أسْتَطِيعُ أنْ أشْفَعَ لَكُمْ ، وَلَكِنِ ائْتُوا عِيسَى فَيَأْتُونَهُ فَيَقُولُونَ : اشْفَعْ لَنا عِنْدَ رَبّكَ فَيَقُولُ : هَلْ تَعْلَمُونَ أحدا خَلَقَهُ اللّهُ مِنْ غيرِ أبٍ غَيرِي ؟ فَيَقُولُونَ : لا ، فَيَقُولُ : هَلْ تَعْلَمُونَ مِنْ أحَدٍ كانَ يُبْرِىءُ الأكْمَه وَالأبْرَصَ ويُحْيِي المَوْتى بإذْن اللّهِ غيرِي ؟ قال : فَيَقُولُونَ : لا ، قالَ : فَيَقُولُ : أنا حَجِيجُ نَفْسِي ، ما عَلِمْتُ كُنْهَ ما أسْتَطِيعُ أنْ أشْفَعَ لَكُمْ ، وَلَكِنِ ائْتُوا محمدا رسْولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ » قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «فَيَأْتُونِي ، فَأضْرِبُ بِيَدِي على صَدْرِي ثُمّ أقُولُ : أنا لَهَا . ثُمّ أمْشِي حتى أقِفَ بينَ يَدَيَ العَرْشِ ، فَأُثْنِي عَلى رَبي ، فَيَفْتَحُ لي مِنَ الثّناء ما لَمْ يَسْمَعِ السّامِعُونَ بِمِثْلِهِ قَطّ ، ثُمّ أسْجُدَ فَيُقالُ لي : يا مُحَمّدُ ارْفَعْ رأسَكَ ، سَلْ تُعْطَهْ ، وَاشْفَعْ تُشَفّعْ فَأرْفَعُ رأسِي فَأقُولُ : رَبّ أُمّتِي فَيُقالُ : هُمْ لَكَ . فَلا يَبْقَى نَبِيّ مُرْسَلٌ وَلا مَلَكٌ مُقَرّبٌ إلاّ غَبَطَنِي يَوْمَئِذٍ بذلكَ المَقامِ ، وَهُوَ المَقامُ المَحْمودُ » . قالَ : «فَآتي بِهِمْ بابَ الجَنّةِ فأسْتَفْتِحُ ، فَيُفْتَحُ لي ولَهُمْ ، فَيُذْهَبُ بِهِمْ إلى نَهْرٍ يُقالُ لَهُ نَهْرُ الحَياةِ ، حافَتاهُ قُضُبٌ مِنْ ذَهَبٍ مُكَلّلٍ باللُؤْلُؤٍ ، تُرَابُهُ المِسْكُ ، وَحَصْباؤُهُ الياقُوتُ ، فَيَغْتَسِلُونَ مِنْهُ ، فَتَعُودُ إلَيْهِمْ ألْوَانُ أهْلِ الجَنّةِ وَرِيحُهُمْ ، وَيَصِيرُونَ كأنّهُمُ الكَوَاكِبُ الدّرّيّةِ ، وَيَبْقَى فِي صُدُرِهِمْ شاماتٌ بِيضٌ يُعْرَفُونَ بِها ، يُقال لَهُمْ مَساكِينُ أهْلِ الجَنّةِ » .

حُدثت عن الحسين بن الفرج ، قال : سعت أبا معاذ ، قال : حدثنا عبيد بن سليمان ، قال : سمعت الضحاك ، قال : إن الله أدخلهم بعد أصحاب الجنة ، وهو قوله : ادْخُلُوا الجَنّةَ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلا أنْتُمْ تَحْزَنُونَ يعني أصحاب الأعراف . وهذا قول ابن عباس .

فتأويل الكلام على هذا التأويل الذي ذكرنا عن ابن عباس ، ومن ذكرنا قوله فيه : قال الله لأهل التكبر عن الإقرار بوحدانية الله والإذعان لطاعته وطاعة رسله الجامعين في الدنيا الأموال مكاثرة ورياء : أيها الجبابرة الذين كانوا في الدنيا ، أهؤلاء الضعفاء الذين كنتم في الدنيا أقسمتم لا ينالهم الله برحمة ؟ قال : قد غفرت لهم ورحمتهم بفضلي ورحمتي ، ادخلوا يا أصحاب الأعراف الجنة ، لا خوف عليكم بعدها من عقوبة تعاقبون بها على ما سلف منكم في الدنيا من الاَثام والإجرام ، ولا أنتم تحزنون على شيء فاتكم في دنياكم

وقال أبو مجلز : بل هذا القول خبر من الله عن قيل الملائكة لأهل النار بعد ما دخلوا النار تعييرا منهم لهم على ما كانوا يقولون في الدنيا للمؤمنين الذين أدخلهم الله يوم القيامة جنته . وأما قوله : ادْخُلُوا الجَنّةَ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلا أنْتُمْ تَحْزَنُونَ فخبر من الله عن أمره أهل الجنة بدخولها .

حدثني يعقوب ، قال : حدثنا ابن عُلية ، عن سليمان التيمي ، عن أبي مجلز ، قال : نادت الملائكة رجالاً في النار يعرفونهم بسيماهم : ما أغنى عنكم جمعكم وما كنتم تستكبرون أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة ؟ قال : فهذا حين يدخل أهل الجنة الجنة ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{أَهَـٰٓؤُلَآءِ ٱلَّذِينَ أَقۡسَمۡتُمۡ لَا يَنَالُهُمُ ٱللَّهُ بِرَحۡمَةٍۚ ٱدۡخُلُواْ ٱلۡجَنَّةَ لَا خَوۡفٌ عَلَيۡكُمۡ وَلَآ أَنتُمۡ تَحۡزَنُونَ} (49)

{ أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة } من تتمة قولهم للرجال ، والإشارة إلى ضعفاء أهل الجنة الذين كانت الكفرة يحتقرونهم في الدنيا ويحلفون أن الله لا يدخلهم الجنة { ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون } أي فالتفتوا إلى أصحاب الجنة وقالوا لهم ادخلوا وهو أوفق للوجوه الأخيرة أو فقيل لأصحاب الأعراف ادخلوا الجنة بفضل الله سبحانه وتعالى بعد أن حبسوا حتى أبصروا الفريقين وعرفوهم وقالوا لهم ما قالوا . قيل لما عيروا أصحاب النار أقسموا أن أصحاب الأعراف لا يدخلون الجنة فقال الله سبحانه وتعالى أو بعض الملائكة هؤلاء الذين أقسمتم . وقرئ { ادخلوا } و " دخلوا " على الاستئناف وتقديره دخلوا الجنة مقولا لهم { لا خوف عليكم } .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{أَهَـٰٓؤُلَآءِ ٱلَّذِينَ أَقۡسَمۡتُمۡ لَا يَنَالُهُمُ ٱللَّهُ بِرَحۡمَةٍۚ ٱدۡخُلُواْ ٱلۡجَنَّةَ لَا خَوۡفٌ عَلَيۡكُمۡ وَلَآ أَنتُمۡ تَحۡزَنُونَ} (49)

قال أبو مجلز : أهل الأعراف هم الملائكة وهم القائلون { أهؤلاء } إشارة إلى أهل الجنة .

قال القاضي أبو محمد : وكذلك يجيء قول من قال أهل الأعراف أنبياء وشهداء ، وقال غيره : أهل الأعراف بشر مذنبون ، وقوله : { أهؤلاء } من كلام ملك بأمر الله عز وجل إشارة إلى أهل الأعراف ومخاطبة لأهل النار ، وهذا قول ابن عباس ، وقال النقاش : لما وبخوهم بقولهم { ما أغنى عنكم جمعكم } [ الأعراف : 48 ] ، أقسم أهل النار أن أهل الأعراف داخلون النار معهم فنادتهم الملائكة { أهؤلاء } ، ثم نادت أصحاب الأعراف { ادخلوا الجنة } ، وقال بعض المتأولين : الإشارة بهؤلاء إلى أهل الجنة ، والمخاطبون هم أهل الأعراف والذين خوطبوا هم أهل النار ، والمعنى أهؤلاء الضعفاء في الدنيا الذين حلفتم أن الله لا يعبأ بهم قيل لهم ادخلوا الجنة ، وقد تقدم ما قال النقاش من أن القسم هو في الآخرة على أهل الأعراف ، وقرأ الحسن وابن هرمز «أدخِلوا الجنة » بفتح الألف وكسر الخاء معنى أدخلوا أنفسكم ، أو على أن تكون مخاطبة للملائكة ثم ترجع المخاطبة بعد إلى البشر في { عليكم } ، وقرأ عكرمة مولى ابن عباس «دخلوا الجنة » على الإخبار بفعل ماض ، وقرأ طلحة بن مصرف وابن وثاب والنخعي «أُدخلوا الجنة » خبر مبني للمفعول .

قال القاضي أبو محمد : وترتيب كل قراءة من هذه على الأقوال في المخاطب والمخاطب بقوله تعالى : { أهؤلاء } ممكن بأيسر تناول فاختصرته إيجازاً ، وكذلك ما في الآية من الرجوع من مخاطبة فريق إلى مخاطبة غيره ، وقوله تعالى : { لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون } معناه : لا تخافون ما يأتي ولا تحزنون على ما فات ، وذكر الطبري من طريق حذيفة أن أهل الأعراف يرغبون في الشفاعة فيأتون آدم فيدفعهم إلى نوح ثم يتدافعهم الأنبياء عليهم السلام حتى يأتوا محمداً صلى الله عليه وسلم فيشفع لهم فيشفع فيدخلون الجنة فيلقون في نهر الحياة فيبيضون ويسمون مساكين الجنة ، قال سالم مولى أبي حذيفة : ليت أني من أهل الأعراف .