قوله تعالى : { أَهَؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ } : يجوز في هذه الجملة وجهان ، أحدهما : أنها في محل نصب بالقول المتقدم أي : قالوا : ما أغنى وقالوا : أهؤلاء الذين . والثاني : أن تكون جملةً مستقلةً غيرَ داخلةٍ في حيز القول ، والمشارُ إليهم على القول الأول هم أهل الجنة ، والقائلون ذلك هم أهل الأعراف ، والمقولُ لهم هم أهل النار . والمعنى : وقال أهلُ الأعراف لأهل النار : أهؤلاء الذين في الجنة اليوم هم الذين كنتم تَحْلفون إنهم لا يدخلون الجنة ، برحمة الله وفضله ادخلوا الجنة أي : قالوا لهم أو قيل لهم : ادخلوا الجنة .
وأمَّا على القول الثاني وهو الاستئناف : فاختُلف في المشار إليه . فقيل : هم أهل الأعراف ، والقائلُ ذلك مَلَكٌ يأمره الله بهذا القول ، والمقول له هم أهلُ النار . وقيل : المشار إليه هم أهل الجنة ، والقائلُ هم الملائكة ، والمقولُ له هم أهل النار . وقيل : المشار إليهم هم أهل الأعراف وهم/ القائلون ذلك أيضاً ، والمقول لهم الكفارُ ، وقوله " ادخلوا الجنة " من قولةِ أهل الأعراف أيضاً أي : يرجعون فيخاطب بعضُهم بعضاً فيقولون : ادخلوا الجنة . وقال ابن الأنباري : " إن قوله : أهؤلاء الذين أَقْسَمْتم لا ينالهم الله برحمة " من كلام أصحاب الأعراف . وقوله " ادخلوا " من كلام الله تعالى ، وذلك على إضمار قول أي : فقال لهم الله : ادخلوه ، ونظيره قوله تعالى : { يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُمْ مِّنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ } [ الشعراء : 35 ] فهذا من كلام الملأ ، فماذا تأمرون ؟ فهذا من كلام فرعون أي : فقال : فماذا تأمرون ؟ .
وقرأ الحسن وابن سيرين : " أَدْخِلوا الجنة " أمراً من أَدْخَل وفيها تأويلان ، أحدهما : أن المأمور بالإِدخال الملائكة أي : أَدْخلوا يا ملائكةُ هؤلاء . ثم خاطب البشر بعد خطاب الملائكة فقال : لا خوف عليكم ، وتكون الجملة من قوله : " لا خوف " لا محلَّ لها من الإِعراب لاستئنافها . والثاني : أن المأمور بذلك هم أهل الأعراف والتقدير : أدخلوا أنفسَكم ، فحذف المفعولَ في الوجهين . ومثلُ هذه القراءة هنا قولُه تعالى : { أَدْخِلُوا آل فرعون } [ غافر : 46 ] وستأتي إن شاء الله ، إلا أن المفعولَ هناك مصرَّحٌ به في إحدى القراءتين .
والجملة من قوله " لا خوف " على هذا في محلِّ نصبٍ على الحال أي : أَدْخِلوا أنفسكم غير خائفين . وقرأ عكرمة " دَخَلوا " ماضياً مبنياً للفاعل . وطلحة وابن وثاب والنخعي " أُدْخِلوا " مِنْ أُدْخِل ماضياً مبنياً للمفعول على الإِخبار ، وعلى هاتين فالجملة المنفية في محل نصبٍ بقول مقدر ، ذلك القولُ منصوبٌ على الحال أي : مقولاً لهم لا خوف .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.