تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان  
{أَهَـٰٓؤُلَآءِ ٱلَّذِينَ أَقۡسَمۡتُمۡ لَا يَنَالُهُمُ ٱللَّهُ بِرَحۡمَةٍۚ ٱدۡخُلُواْ ٱلۡجَنَّةَ لَا خَوۡفٌ عَلَيۡكُمۡ وَلَآ أَنتُمۡ تَحۡزَنُونَ} (49)

ثم وجّه إليهم سؤال توبيخٍ وتأنيب :

أهؤلاء الذين حلفتم في الدنيا أن رحمة الله لن تنالهم ! ها هم قد دخلوا الجنة ، وكانوا من الفائزين .

قال الله تعالى لأصحاب الأعراف بعد أن طال وقوفُهم ، وهم ينظرون إلى الفريقين : ادخُلوا الجنةَ لا خوف عليكم من أمر مستقبلكم ، ولا أنتم تحزنون على أمرٍ فاتكم .

وقد تكلم العلماء في هذا المقام كثيرا ، وتعدّدت الآراء فبعضهم قال : إن رجال الأعراف ملائكة ، وبعضهم قال إنهم الأنبياء ، أو عدول الأُمم الشهداءُ على الناس ، أو أهل الفترة ، أو هم الّذين تساوت حسناتُهم وسيئاتهم إلى غير ذلك من الأقوال .

والذي يجب أن نقفَ عنده هو أن هناك حجاباً بين الجنة ، والنار ، اللهُ أعلمُ بحقيقته ، لأنه في عالم الآخرة . والمقصودُ أن ذلك الحجاب يحجِز بين الفريقين ، لكنّه لا يمنع من وصول الأصوات . وأن هناك مكاناً له صفةُ الامتياز والعلوّ ، فيه رجال لهم من المكانة ما يجعلهم مشرِفين على هؤلاءِ . وهم ينادون كلّ فريقٍ بما يناسبه . . يحيُّون أهل الجنة ، ويبِكّتُون أهل النار . ثم إن أصحاب هذا الحجاب يدخلون الجنة برحمة من الله وفضله .