الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{أَهَـٰٓؤُلَآءِ ٱلَّذِينَ أَقۡسَمۡتُمۡ لَا يَنَالُهُمُ ٱللَّهُ بِرَحۡمَةٍۚ ٱدۡخُلُواْ ٱلۡجَنَّةَ لَا خَوۡفٌ عَلَيۡكُمۡ وَلَآ أَنتُمۡ تَحۡزَنُونَ} (49)

وقوله : { أهؤلاء [ الذين ]{[23828]} أقسمتم لا ينالهم الله برحمة }[ 49 ] .

هذا قول{[23829]} الله ( عز وجل{[23830]} ) [ لأهل النار{[23831]} ] توبيخا{[23832]} لهم على ما كان من قيلهم لأهل الأعراف في الدنيا ، وذلك حين دخل [ أهل{[23833]} ] الأعراف الجنة{[23834]} ، فهو قول اتصل بقول أصحاب الأعراف ، فهو من قول الله ، جل ذكره ، إلى قوله : { تحزنون{[23835]} }[ 49 ] ، ففيه رجوع من مخاطبة كفار إلى مخاطبة مؤمنين متصل بعضه ببعض .

وقد قيل : إنه من قول الملائكة لأهل النار ، [ ويكون ] { ادخلوا{[23836]} الجنة } من قول الله ( عز وجل{[23837]} ) ، فتكون الآية [ فيها{[23838]} ] ثلاثة أقوال :

-قول أهل الأعراف إلى { تستكبرون{[23839]} }[ 48 ] .

-وقول الملائكة إلى { برحمة }[ 49 ] .

-وقول الله إلى { تحزنون{[23840]} }[ 49 ]ن متصل ( كله{[23841]} ) بعضهم ببعض{[23842]} .

قال ابن عباس : " أصحاب الأعراف " ، رجال كانت لهم ذنوب عظام ، وكان حسم{[23843]} أمرهم [ لله ]{[23844]} ، يقومون على الأعراف ، فإذا نظروا إلى [ أهل{[23845]} ] الجنة طمعوا فيها ، وإذا نظروا [ إلى{[23846]} ] أهل النار تعوذوا بالله منها ، فأدخلوا الجنة ، فقال الله تبارك الله ، { أهؤلاء الذين أقسمتم } ، يا أهل النار ، { لا ينالهم الله برحمة ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون }[ 49 ]{[23847]} .

وقال حذيفة : { أصحاب الاعراف } ، قوم قصّرت بهم حسناتهم عن الجنة ، وقصرت بهم/سيئاتهم عن النار ، فجعلوا على الأعراف ، يعرفون الناس بسيماهم . فلما قضي بين العباد ، أذن لهم في طلب الشفاعة [ فيأتون الأنبياء كلهم من الشفاعة{[23848]} ] ، ويدل على الآخر{[23849]}حتى يأتوا محمدا ( صلى الله عليه وسلم ){[23850]} ، فيشفع لهم ، فيذهب بهم إلى " نهر الحيوان " حافتاه قصب{[23851]} من ذهب مكلل باللؤلؤ ، ترابه المسك ، وحصباؤه الياقوت ، فيغتسلون فيه{[23852]} ، فتعود{[23853]} إليهم ألوان أهل الجنة وريح أهل الجنة ، ويصيرون كأنهم الكواكب الدرية ، وتبقى في صدورهم شامات بيض يعرفون بها ، يقال لهم : " مساكين أهل الجنة{[23854]} " .

وقال أبو مجلز{[23855]} : [ بل{[23856]} ] هذا القول خبر من الله ( عز وجل{[23857]} ) [ عن{[23858]} ] قول الملائكة لأهل النار ، تعييرا{[23859]} منهم لهم على ما كانوا يقولون في الدنيا{[23860]} للمؤمنين الذين قد دخلوا الجنة{[23861]} .

قوله : { ادخلوا الجنة } ، وما بعده من كلام الله ( سبحانه{[23862]} ) ، فالوقف على هذا : { برحمة }{[23863]} .

ومن قال إنها خبر من الله ( عز وجل{[23864]} ) عن نفسه ( جلت عظمته ){[23865]} وقف على : { تحزنون{[23866]} } .

وقرأ يحيى{[23867]} بن يعمر : " أُدخلوا الجنة " ، على ما لم يسم فاعله بكسر الخاء{[23868]} وقرأ الحسن ، وابن هرمز{[23869]} : " أدخلوا " ، بفتح الهمزة وكسر الخاء{[23870]} ، على الأمر من الله ( تعالى{[23871]} ) للملائكة أن يدخلوهم الجنة ، والمفعول محذوف{[23872]} .


[23828]:زيادة من ج.
[23829]:في الأصل: هذا أمر الله، ولا يستقيم به المعنى، وأثبت ما في ج. وفي جامع البيان هذا قيل الله".
[23830]:ما بين الهلالين ساقط من ج.
[23831]:زيادة من جامع البيان 12/469، يقتضيها السياق.
[23832]:في الأصل، وج: "توبيخ"، وأثبت ما في جامع البيان.
[23833]:زيادة من ج.
[23834]:هذا قول ابن عباس. انظر: جامع البيان 12/468، 469.
[23835]:في الأصل: يحزنون، هو تصحيف.
[23836]:زيادة من ج. وفي الأصل: ....لأهل النار ويدخلوا الجنة من قول الله. وليس بشيء.
[23837]:ما بين الهلالين ساقط من ج.
[23838]:زيادة من ج.
[23839]:في الأصل: مستكبرون، وهو تحريف.
[23840]:في الأصل: يحزنون، وهو تصحيف.
[23841]:ما بين الهلالين ساقط من ج.
[23842]:انظر: المحرر الوجيز 2/406، وتفسير الرازي 7/97، وتفسير الألوسي 8/126.
[23843]:في الأصل: جسيم، وفي ج، لم أتبينه بفعل الرطوبة وأثبت ما في جامع البيان. وسلف التعليق عليه فيما مضى قريبا.
[23844]:زيادة من ج، وجامع البيان 12/469.
[23845]:زيادة من جامع البيان 16/469، الذي ينقل عنه مكي.
[23846]:زيادة من ج، وجامع البيان 12/469.
[23847]:صحيفة علي بن أبي طلحة عن ابن عباس 227، وجامع البيان 12/469، بتصرف يسير.
[23848]:زيادة من ج. والبياض المتروك للكلمات التي لم أتبينها بفعل الرطوبة، ومقدارها ثلاث.
[23849]:في الأصل: الأخرى، وأثبت ما في ج.
[23850]:ما بين الهلالين ساقط من ج.
[23851]:في الأصل: قضب، بضاء معجمة، وهو تصحيف. ولعله في ج أيضا كذلك. والتصويب من مصادر التوثيق أسفلهن هامش 7.
[23852]:في الأصل: به، وأثبت ما في ج.
[23853]:في الأصل: فيعود، وأثبت ما في مصادر التوثيق أسفله.
[23854]:جامع البيان 12/470، وتفسير ابن كثير 2/218، بتصرف.
[23855]:في الأصل: أبو مجلد، وهو تحريف، وصوابه من ج، وجامع البيان 12/472.
[23856]:زيادة من ج، وجامع البيان 12/472.
[23857]:ما بين الهلالين ساقط من ج.
[23858]:زيادة من ج، وجامع البيان 12/472.
[23859]:في الأصل: تفنيدا، وأثبت ما في ج، وجامع البيان 12/472.
[23860]:في الدنيا: لحق في ج.
[23861]:جامع البيان 12/472.
[23862]:ما بين الهلالين ساقط من ج.
[23863]:وهو وقف تام عند أبي داود أحمد بن موسى العطار. انظر: القطع والائتناف 335، والمكتفي في الوقف والابتداء 271.
[23864]:ما بين الهلالين ساقط من ج.
[23865]:انظر: المصدر السابق.
[23866]:وهو وقف تام. انظر: القطع والائتناف 335، والمكتفى في الوقف والابتداء 271.
[23867]:هو: يحيى بن يعمر العدواني، أبو سليمان البصري، تابعي، أخذ القراءة عرضا عن أبي الأسود الدؤلي، وهو أول من نقط المصحف. توفي قبل سنة تسعين. انظر: معرفة القراء الكبار 1/67، وغاية النهاية في طبقات القراء 2/381.
[23868]:وهي قراءة طلحة بن مصرف أيضا في: إعراب القرآن للنحاس 2/128، والمحتسب في تبيين وجوه شواذ القراءات 1/249، والمحرر الوجيز. 2/406، والبحر المحيط 4/306، وهي منسوبة فيهما أيضا إلى ابن وثاب، والنخعي.
[23869]:تحرف هُرْمُز في الأصل إلى: هرمان، والتصويب من ج، ومصادر التوثيق أسفله.
[23870]:المحرر الوجيز 2/406، والبحر المحيط 4/306.
[23871]:ما بين الهلالين ساقط من ج.
[23872]:انظر: المحرر الوجيز 2/406.