قوله : فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذّبُ عَذَابَهُ أحَدٌ وَلا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أحَدٌ أجمعت القرّاء قرّاء الأمصار في قراءة ذلك على على كسر الذال من يعذّب ، والثاء من يوثِق ، خلا الكسائي ، فإنه قرأ ذلك بفتح الذال والثاء ، اعتلالاً منه بخبر رُوي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قرأه كذلك ، واهي الإسناد .
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن خارجة ، عن خالد الحذّاء ، عن أبي قِلابة ، قال : ثني من أقرأه النبيّ صلى الله عليه وسلم : «فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذّبُ عَذَابَهُ أحَدٌ » .
والصواب من القول في ذلك عندنا : ما عليه قرّاء الأمصار ، وذلك كسر الذال والثاء ، لإجماع الحجة من القرّاء عليه . فإذَا كان ذلك كذلك ، فتأويل الكلام : فيومئذٍ لا يعذّب بعذاب الله أحد في الدنيا ، ولا يوثق كوثاقه يومئذٍ أحد في الدنيا . وكذلك تأوّله قارئو ذلك كذلك من أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذّبُ عَذَابَهُ أحَدٌ ولا يوثِق كوثاق الله أحد .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن الحسن فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذّبُ عَذَابَهُ أحَدٌ وَلا يُوثِقُ وَثاقَهُ أحَدٌ قال : قد علم الله أن في الدنيا عذابا وَوَثاقا ، فقال : فيومئذٍ لا يعذّب عذابه أحد في الدنيا ، ولا يُوثِق وثاقه أحد في الدنيا .
وأما الذي قرأ ذلك بالفتح ، فإنه وجّه تأويله إلى : فيومئذٍ لا يعذّب أحد في الدنيا كعذاب الله يومئذٍ ، ولا يوثَق أحد في الدنيا كوثاقه يومئذٍ . وقد تأوّل ذلك بعض من قرأ ذلك كذلك بالفتح من المتأخرين : فيومئذٍ لا يعذّب عذاب الكافر أحَد ولا يُوثَق وَثاق الكافر أحد . وقال : كيف يجوز الكسر ، ولا معذّب يومئذٍ سوى الله وهذا من التأويل غلط . لأن أهل التأويل تأوّلوه بخلاف ذلك . مع إجماع الحجة من القراء على قراءته بالمعنى الذي جاء به تأويل أهل التأويل ، وما أحسبه دعاه إلى قراءة ذلك كذلك ، إلاّ ذهابه عن وجه صحته في التأويل .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
أي لا يعذب كعذاب الله { أحد } يعني ليس أعظم من الله تعالى سلطانه على قدر عظمته ، وعذابه مثل سلطانه ،...
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
قوله : "فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذّبُ عَذَابَهُ أحَدٌ وَلا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أحَدٌ":.. فيومئذٍ لا يعذّب بعذاب الله أحد في الدنيا ، ولا يوثق كوثاقه يومئذٍ أحد في الدنيا ...
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
{ فيومئذ لا يعذب عذابه أحد } { ولا يوثق وثاقه أحد } قرئت [ هاتان الآيتان ] على نصب الذال والثاء وعلى خفضهما. فمن قرأهما على الخفض فهو يحتمل وجهين :
أحدهما : أن العذاب في الدنيا ، وإن اشتد من الملوك على الإنسان ، فهو لا يبلغ عذاب الله تعالى لأعدائه في الآخرة ، وإن خف .
الثاني : { لا يعذب عذابه أحد } أي لا ينبغي لأحد في الدنيا أن يعذب أحدا بعذاب الله تعالى ، وهو النار كما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( ( لا تعذبوا أحدا بعذاب الله ) ) ( البخاري 3017 ) ... فإن كان على النصب فهو يحتمل وجهين أيضا :
أحدهما : أن يكون التأويل منصرفا إلى صنف من الكفرة ، وهم الذين بلغوا في الكفر أعلى مرتبة ، فلا يعذب من دونهم بعذابهم .
والثاني : لا يعذب أحد مكان أحد كما يفعله ملوك الدنيا في أنهم يعذبون الوالد مكان الولد ، ويعذبون متصلي الذين استوجبوا العذاب .
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
ثم يصور مصيره بعد الحسرة الفاجعة والتمنيات الضائعة : " فيومئذ لا يعذب عذابه أحد ، ولا يوثق وثاقه أحد " . . إنه الله القهار الجبار . الذي يعذب يومئذ عذابه الفذ الذي لا يملك مثله أحد . ...
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.