{ وَمَا أَنْتَ إِلا بَشَرٌ مِثْلُنَا } فليس فيك فضيلة ، اختصصت بها علينا ، حتى تدعونا إلى اتباعك ، وهذا مثل قول من قبلهم ومن بعدهم ، ممن عارضوا الرسل بهذه الشبهة ، التي لم يزالوا ، يدلون بها ويصولون ، ويتفقون عليها ، لاتفاقهم على الكفر ، وتشابه قلوبهم .
وقد أجابت عنها الرسل بقولهم : { إن نحن إلا بشر مثلكم ولكن الله يمن على من يشاء من عباده } .
{ وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ } وهذا جراءة منهم وظلم ، وقول زور ، قد انطووا على خلافه ، فإنه ما من رسول من الرسل ، واجه قومه ودعاهم ، وجادلهم وجادلوه ، إلا وقد أظهر الله على يديه من الآيات ، ما به يتيقنون صدقه وأمانته ، خصوصا شعيبا عليه السلام ، الذي يسمى خطيب الأنبياء ، لحسن مراجعته قومه ، ومجادلتهم بالتي هي أحسن ، فإن قومه قد تيقنوا صدقه ، وأن ما جاء به حق ، ولكن إخبارهم عن ظن كذبه ، كذب منهم .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
{وما أنت إلا بشر مثلنا} لا تفضلنا في شيء فنتبعك، {وإن نظنك} يقول: وقد نحسبك يا شعيب، {لمن الكاذبين} يعني: حين تزعم أنك نبي رسول.
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
[نص مكرر لاشتراكه مع الآية 185]
وقوله:"قالُوا إنّمَا أنْتَ مِنَ المُسَحّرِينَ" يقول: قالوا: إنما أنت يا شعيب معلّلٌ تعلّلُ بالطعام والشراب، كما نعلّل بهما، ولست مَلَكا. "وَما أنْتَ إلاّ بَشَرٌ مِثْلُنا "تأكل وتشرب. "وَإنْ نَظُنّكَ لَمِنَ الكاذِبِينَ"، يقول: وما نحسبك فيما تخبرنا وتدعونا إليه، إلا ممن يكذِب فيما يقول.
التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :
" وإن نظنك لمن الكاذبين "معناه: إنا نحسبك كاذبا من جملة الكاذبين.
تفسير القرآن العظيم لابن كثير 774 هـ :
{وَمَا أَنْتَ إِلا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ} أي: تتعمد الكذب فيما تقوله، لا أن الله أرسلك إلينا.
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
ثم أشاروا إلى عدم صلاحية البشر مطلقاً لها ولو كانوا أعقل الناس وأبعدهم عن الآفة بقولهم، عاطفين بالواو إشارة إلى عراقته فيما وصفوه به من جهة السحر والسحر، وأنه لا فرق بينه وبينهم: {وما أنت إلا بشر مثلنا} أي فلا وجه لتخصيصك عنا بذلك، والدليل على أن عطف ذلك أبلغ من إتباعه من غير عطف جزمهم بظن كذبه في قولهم؛ {وإن} أي وإنّا {نظنك لمن الكاذبين*} أي العريقين في الكذب -هذا مذهب البصريين في أن {إن} مخففة من الثقيلة، والذي يقتضيه السياق ترجح مذهب الكوفيين هنا في أن {إن} نافية، فإنهم أرادوا بإثبات الواو في {وما} المبالغة في نفي إرساله بتعداد ما ينافيه، فيكون مرادهم أنه ليس لنا ظن يتوجه إلى غير الكذب، وهو أبلغ من إثبات الظن به.
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
الإتيانُ بواو العطف في قوله: {وما أنت إلا بشر مثلنا} يجعل كونه بشراً إبطالاً ثانياً لرسالته. وترك العطف في قصة ثمود يجعل كونه بشراً حجة على أن ما يصدر منه ليس وحياً من الله بل هو من تأثير كونه مسحوراً. فمآل معنيي الآيتين متّحد ولكن طريق إفادته مختلف وذلك على حسب أسلوب الحكايتين. وأطلق الظن على اليقين في {وإن نظنك لمن الكاذبين} وهو إطلاق شائع كقوله: {الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم} [البقرة: 46]، وقرينته هنا دخول اللام على المفعول الثاني ل (ظَنَّ) لأن أصلها لام قسم.
زهرة التفاسير - محمد أبو زهرة 1394 هـ :
والظن هنا معناه العلم القطعي، ولكن عبروا بالظن أو باقي القول، وإن أرادوا العلم، وكان من أدب العرب في القول أن يؤثروا الظن على القطع..
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.