المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَيَبۡغُونَهَا عِوَجٗا وَهُم بِٱلۡأٓخِرَةِ كَٰفِرُونَ} (45)

45- هؤلاء الظالمون هم الذين يمنعون الناس عن السير في طريق اللَّه الحق ، وهو الإيمان والعمل الصالح ، ويضعون العراقيل والشكوك حتى يبدو الطريق معوجاً للناس فلا يتبعوه ، وهؤلاء كافرون بالدار الآخرة لا يخشون عقاب اللَّه .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَيَبۡغُونَهَا عِوَجٗا وَهُم بِٱلۡأٓخِرَةِ كَٰفِرُونَ} (45)

{ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ } أي : بين أهل النار وأهل الجنة ، بأن قال : { أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ } أي : بُعْدُه وإقصاؤه عن كل خير { عَلَى الظَّالِمِينَ } إذ فتح اللّه لهم أبواب رحمته ، فصدفوا أنفسهم عنها ظلما ، وصدوا عن سبيل اللّه بأنفسهم ، وصدوا غيرهم ، فضلوا وأضلوا .

واللّه تعالى يريد أن تكون مستقيمة ، ويعتدل سير السالكين إليه ، { و } هؤلاء يريدونها { عِوَجًا } منحرفة صادة عن سواء السبيل ، { وَهُمْ بِالْآخِرَةِ كَافِرُونَ } وهذا الذي أوجب لهم الانحراف عن الصراط ، والإقبال على شهوات النفوس المحرمة ، عدم إيمانهم بالبعث ، وعدم خوفهم من العقاب ورجائهم للثواب ، ومفهوم هذا النداء أن رحمة اللّه على المؤمنين ، وبرَّه شامل لهم ، وإحسانَه متواتر عليهم .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَيَبۡغُونَهَا عِوَجٗا وَهُم بِٱلۡأٓخِرَةِ كَٰفِرُونَ} (45)

وإنه لتصوير قوى بارع ، يحرك إليه النفوس ، ويهز المشاعر ، ويبين أن النهاية الأليمة المتوقعة لهؤلاء المكذبين ، إنما هى تسجيل اللعنة عليهم ، والطرد والحرمان من رحمة الله ، مشيرا إلى أسباب ذلك الحرمان الماثلة في ظلمهم الذي كونه صدهم عن سبيل الله ، وبغيهم إياها عوجا وانحرافا وكفرهم بدار الجزاء .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَيَبۡغُونَهَا عِوَجٗا وَهُم بِٱلۡأٓخِرَةِ كَٰفِرُونَ} (45)

المراد بالظّالمين : المشركون ، وبالصدّ عن سبيل الله : إمّا تعرّض المشركين للراغبين في الإسلام بالأذى والصّرف عن الدّخول في الدّين بوجوه مختلفة ، وسبيل الله ما به الوصول إلى مرضاته وهو الإسلام ، فيكون الصدّ مراداً به المتعدي إلى المفعول . وإما إعراضهم عن سماع دعوة الإسلام وسماع القرآن ، فيكون الصدّ مراداً به القاصر ، الذي قيل : إنّ مضارعه بكسر الصّاد ، أو إن حق مضارعه كسر الصّاد ، إذ قيل لم يسمع مكسور الصّاد ، وإن كان القياس كَسْر الصّاد في اللاّزم وضمَها في المتعدي .

والضّمير المؤنّث في قوله : { ويبغونها } عائد إلى { سبيل الله } . لأنّ السّبيل يذكّر ويؤنّث قال تعالى : { قل هذه سبيلي } [ يوسف : 108 ] وقال : { وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلاً } [ الأعراف : 146 ] .

والعِوَج : ضدّ الاستقامة ، وهو بفتح العين في الأجسام : وبكسر العين في المعاني . وأصله أن يجوز فيه الفتح والكسر . ولكن الاستعمال خصّص الحقيقة بأحد الوجهين والمجازَ بالوجه الآخر ، وذلك من محاسن الاستعمال ، فالإخبار عن السبيل ( عِوج ) إخبار بالمصدر للمبالغة ، أي ويرومون ويحاولون إظهار هذه السّبيل عوجاء ، أي يختلقون لها نقائص يموّهونها على النّاس تنفيراً عن الإسلام كقولهم : { هل ندلكم على رجل ينبئكم إذا مزقتم كل مُمَزّق إنّكم لفي خَلق جديد أفترى على الله كذباً أم به جنة } [ سبأ : 7 ، 8 ] ، وتقدّم تفسيره عند قوله تعالى : { يا أهل الكتاب لم تصدون عن سبيل الله من آمن تبغونها عوجاً } في سورة آل عمران ( 99 ) .

وورد وصفهم بالكفر بطريق الجملة الاسميّة في قوله : { وهم بالآخرة كافرون } للدّلالة على ثبات الكفر فيهم وتمكّنه منهم ، لأنّ الكفر من الاعتقادات العقليّة التي لا يناسبها التّكرّر ، فلذلك خولف بينه وبين وصفهم بالصدّ عن سبيل الله وبغي إظهار العِوَج فيها ، لأنّ ذَيْنك من الأفعال القابلة للتّكرير ، بخلاف الكفر فإنّه ليس من الأفعال ، ولكنّه من الانفعالات ، ونظير ذلك قوله تعالى : { يرزق من يشاء وهو القوي العزيز } [ الشورى : 19 ] .