روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{ٱلَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَيَبۡغُونَهَا عِوَجٗا وَهُم بِٱلۡأٓخِرَةِ كَٰفِرُونَ} (45)

{ الذين يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ الله } أي يصدون بأنفسهم عن دينه سبحانه ويعرضون عنه ، فالموصول صفة مقررة للظالمين لأن هذا الإعراض لازم لكل ظالم ، وجوز القطع بالرفع أو النصب وكلاهما على الذم وأمر الوقف ظاهر ، وفسر الإمام النسفي الصد هنا بمنع الغير وعليه فلا تقرير ، والمعنى يمنعون الناس عن دين الله تعالى بالنهي عنه وإدخال الشبه في دلائله { وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا } أي يطلبون اعوجاجها ويذمونها فلا يؤمنون بها أو يطلبون لها تأويلاً وإمالة إلى الباطل ، فالعوج إما على أصله وهو الميل وإما بمعنى التعويج والإمالة . ونصبه قيل : على الحالية . وقيل : على المفعولية . وجوز الطبرسي «أن يكون نصباً على المصدر كرجع القهقرى واشتمل الصماء ، وذكر أن العوج بالكسر يكون في الدين والطريق وبالفتح في الخلقة فيقال في ساقه عوج بالفتح وفي دينه عوج بالكسر » ، وقال الراغب : «العَوَج يقال فيما يدرك بالبصر ( سهلاً ) كالخشب المنتصب ونحوه ، والعِوَج يقال فيما يدرك بفكر وبصيرة كما يكون في أرض بسيط *** وكالدِّين والمعاش » ، وسيأتي لذلك تتمة إن شاء الله تعالى . { وَهُم بالاخرة كافرون } أي غير معترفين بالقيامة وما فيها ، والجار متعلق بما بعده . والتقديم لرعاية الفواصل ، والعدول عن الجملة الفعلية إلى الاسمية للدلالة على الدوام والثبات إشارة إلى رسوخ الكفر فيهم .

( ومن باب الإشارة ) :{ الذين يَصُدُّونَ } السالكين { عَن سَبِيلِ الله } أي الطريق الموصلة إليه سبحانه ، وقيل : يصدون القلب والروح عن ذلك { وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا } بأن يصفوها بما ينفر السالك عنها من الزيغ والميل عن الحق ، وقيل : يطلبون صرف وجوههم إلى الدنيا وما فيها { وَهُم بالاخرة } أي الفناء بالله تعالى أو بالقيامة الكبرى { كافرون } [ الأعراف : 45 ] لمزيد احتجابهم بما هم فيه