{ وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى } أي : اتصف بذكر الله ، وانصبغ به قلبه ، فأوجب له ذلك العمل بما يرضي الله ، خصوصًا الصلاة ، التي هي ميزان الإيمان ، فهذا معنى الآية الكريمة ، وأما من فسر قوله { تزكى } بمعني أخرج زكاة الفطر ، وذكر اسم ربه فصلى ، أنه صلاة العيد ، فإنه وإن كان داخلًا في اللفظ وبعض جزئياته ، فليس هو المعنى وحده .
ساق - سبحانه - ما يدخل البهجة والسرور على النفوس ، عن طريق بيان حسن عاقبة السعداء ، فقال : { قَدْ أَفْلَحَ مَن تزكى . وَذَكَرَ اسم رَبِّهِ فصلى } .
أى : قد أفلح وفاز وانتفع بالتذكير ، من حاول تزكية نفسه وتطهيرها من كل سوء
ومن ذكر اسم ربه بقلبه ولسانه ، فصلى الصلوات الخمس التى فرضها الله - تعالى - عليه . وأضاف إليها ما استطاع من نوافل وسنن .
وعبر - سبحانه - بقوله : { قَدْ أَفْلَحَ } ليجمع فى هذا التعبير البليغ ، كل معانى الخير والنفع ، لأن الفلاح معناه : وصول المرء إلى ما يطمح إليه من فوز ونفع .
وجاء التبعير بالماضى المسبوق بقد ، للدلالة على تحقيق هذا الفلاح بفضل الله - تعالى - ورحمته .
وقد اشتملت هاتان الآيتان على الطهارة من العقائد الباطلة { تزكى } وعلى استحضار معرفة الله - تعالى - { وَذَكَرَ اسم رَبِّهِ } وعلى أداء التكاليف الشرعية التى على رأسها الصلاة { فصلى } .
وهذه المعانى هى التى وصلت صاحبها إلى الفلاح الذى ليس بعده فلاح .
وفعل { ذكر اسم ربه } يجوز أن يكون من الذّكر اللساني الذي هو بكسر الذال فيكون كلمة { اسم ربه } مراداً بها ذكر أسماء الله بالتعظم مثل قول لا إله إلا الله ، وقول الله أكبر ، وسبحان الله ، ونحو ذلك على ما تقدم في قوله : { سبح اسم ربك الأعلى } [ الأعلى : 1 ] .
ويجوز أن يكون من الذُّكر بضم الذال وهو حضور الشيء في النفس الذاكرة والمفكرة فتكون كلمة { اسم } مقحمة لتدل على شأن الله وصفات عظمته فإن أسماء الله أوصاف كمال .
وتفريع { فصلى } على { ذكر اسم ربه } على كلا الوجهين لأن الذكر بمعنييه يبعث الذاكر على تعظيم الله تعالى والتقرب إليه بالصلاة التي هي خضوع وثناء .
وقد رتبت هذه الخصال الثلاث على الآية على ترتيب تولدها . فأصلها : إزالة الخباثة النفسية من عقائد باطلة وحديث النفس بالمضمرات الفاسدة وهو المشار إليه بقوله : { تزكى } ، ثم استحضارُ معرفة الله بصفات كماله وحكمته ليخافه ويرجوه وهو المشار بقوله : { وذكر اسم ربه } ثم الإِقبالُ على طاعته وعبادته وهو المشار إليه بقوله : { فصلى } والصلاةُ تشير إلى العبادة وهي في ذاتها طاعة وامتثال يأتي بعده ما يشرع من الأعمال قال تعالى : { إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر اللَّه أكبر } [ العنكبوت : 45 ] .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.