{ إِنَّ الذين آمَنُواْ } أي إيماناً كاملا بكل ما أمر الله به { وَعَمِلُواْ الصالحات } أي الأعمال الصالحة التي تصلح بها نفوسهم والتي من جملتها الإِحسان إلى المحتاجين ، والابتعاد عن الربا والمرابين { وَأَقَامُواْ الصلاة } بالطريقة التي أمر الله بها ، بأن يؤدوهها في أوقاتها بخشوع واطمئنان { وَآتَوُاْ الزكاة } أي أعطوها لمستحقيها بإخلاص وطيب نفس .
هؤلاء الذين اتصفوا بكل هذه الصفات الفاضلة { لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ } أي لهم ثوابهم والكامل عند خالقهم ورازقهم ومربيهم .
{ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ } يوم الفزع الاكبر { وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } لأي سبب من الأسباب ، لأن ما هم فيه من أمان واطمئنان ورضوان من الله - تعالى - يجعلهم في فرح دائم ، وفي سرور مقيم .
إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ( 277 )
ولما انقضى ذكرهم( {[8]} ) عقب بذكر ضدهم ليبين ما بين الحالين فقال { إن الذين آمنوا } الآية ، وقد تقدم تفسير مثل ألفاظ هذه الآية ، وخص { الصلاة } و { الزكاة } بالذكر وقد تضمنهما عمل { الصالحات } تشريفاً لهما ، وتنبيهاً على قدرهما ، إذ هما رأس الأعمال الصلاة في أعمال البدن ، والزكاة في أعمال المال .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
{إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأقاموا الصلاة}: المكتوبة في مواقيتها.
{وآتوا الزكاة}: وأعطوا الزكاة من أموالهم.
{لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون}...
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
هذا خبر من الله عزّ وجلّ بأن الذين آمنوا، يعني الذين صدقوا بالله وبرسوله، وبما جاء به من عند ربهم من تحريم الربا وأكله وغير ذلك من سائر شرائع دينه، وعملوا الصالحات التي أمرهم الله عزّ وجلّ بها، والتي ندبهم إليها وأقاموا الصلاة المفروضة بحدودها، وأدّوها بسننها، وآتوا الزكاة المفروضة عليهم في أموالهم، بعد الذي سلف منهم من أكل الربا، قبل مجيء الموعظة فيه من عند ربهم، لهم أجرهم، يعني ثواب ذلك من أعمالهم وإيمانهم وصدقتهم عند ربهم يوم حاجتهم إليه في معادهم، ولا خوف عليهم يومئذٍ من عقابه على ما كان سلف منهم في جاهليتهم وكفرهم قبل مجيئهم موعظة من ربهم من أكل ما كانوا أكلوا من الربا بما كان من إنابتهم، وتوبتهم إلى الله عزّ وجلّ من ذلك عند مجيئهم الموعظة من ربهم، وتصديقهم بوعد الله ووعيده، ولا هم يحزنون على تركهم ما كانوا تركوا في الدنيا من أكل الربا والعمل به إذا عاينوا جزيل ثواب الله تبارك وتعالى، وهم على تركهم ما تركوا من ذلك في الدنيا ابتغاء رضوانه في الاَخرة، فوصلوا إلى ما وعدوا على تركه.
لطائف الإشارات للقشيري 465 هـ :
إن الذين كانوا لنا، يكفيهم ما يجدون مِنَّا، لا نضيع أجر من أحسن عملاً...
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :
ولما انقضى ذكرهم، عقب بذكر ضدهم ليبين ما بين الحالين فقال: {إن الذين آمنوا} الآية... خص {الصلاة} و {الزكاة} بالذكر وقد تضمنهما عمل {الصالحات} تشريفاً لهما، وتنبيهاً على قدرهما، إذ هما رأس الأعمال الصلاة في أعمال البدن، والزكاة في أعمال المال.
اعلم أن عادة الله في القرآن مطردة بأنه تعالى مهما ذكر وعيدا ذكر بعده وعدا، فلما بالغ ههنا في وعيد المرابي أتبعه بهذا الوعد...
المسألة الثانية: {لهم أجرهم عند ربهم} أقوى من قوله: على ربهم أجرهم لأن الأول يجري مجرى ما إذا باع بالنقد، فذاك النقد هناك حاضر، متى شاء البائع أخذه، وقوله: أجرهم على ربهم. يجري مجرى ما إذا باع بالنسيئة في الذمة، ولا شك أن الأول أفضل...
المسألة الثالثة: اختلفوا في قوله {ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون} فقال ابن عباس: لا خوف عليهم فيما يستقبلهم من أحوال القيامة، ولا هم يحزنون بسبب ما تركوه في الدنيا، فإن المنتقل من حالة إلى حالة أخرى فوقها ربما يحزن على بعض ما فاته من الأحوال السالفة، وإن كان مغتبطا بالثانية لأجل إلفه وعادته، فبين تعالى أن هذا القدر من الغصة لا يلحق أهل الثواب والكرامة...
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
لما بين تعالى ما سلبه عن الكافرين من محبته أتبعه ما أثبته للمؤمنين المصدقين من رحمة الملوح إليهم فيما قبل بالعطف على غير معطوف عليه ظاهر كما تقدم آنفاً على وجه لم يخله من ذكر النفقة فقال تعالى... {ومن عاد} {إن الذين آمنوا} أي صدقوا بجميع ما أتتهم به الرسل صلوات الله وسلامه عليهم عن الله سبحانه وتعالى {وعملوا} تصديقاً لإيمانهم {الصالحات} ائتماراً وانتهاء لا سيما ترك الربا...
ولما كانت الصلاة زبدة الدين فيما بين الحق والخلق خصها بالذكر فقال: {وأقاموا الصلاة} بجميع حدودها...
ولما كان الإيثار أجل ما بين الحق والخلق وزبدته إخراج الواجب من المال عن طيب نفس قال: {وآتوا الزكاة} فضلاً عن أن يبخلوا فضلاً عن أن يربوا ودل على أن جزاءهم بحسب النيات لثباتهم في فتنة الردة بقوله: {لهم أجرهم} وأعلم بحفظه وتنميته بقوله: {عند ربهم} وآذن بتمام الانتفاع بقوله: {ولا خوف عليهم} أي من طارق يطرقهم بغير ما يلائمهم لأنهم في كنف العزيز العليم {ولا هم يحزنون} على شيء فاتهم فهم في غاية الرضى بما هم فيه، ولعظيم الجدوى في ذلك كرره في هذه الآيات غير مرة ونوه به كرة في أثر كرة...
تفسير المنار لرشيد رضا 1354 هـ :
{إن الذين آمنوا} أي صدقوا تصديق إذعان بما جاء من عند الله في هذه المسألة كغيرها {وعملوا الصالحات} أي الأعمال التي تصلح بها نفوسهم وشأن من يعيش معهم، ومنها مواساة المحتاجين، والرحمة بالبائسين، وإنظار المعسرين، ومن سنة القرآن أن يقرن الإيمان بالعمل الصالح في مقام الوعد لأن الإيمان الحقيقي المقرون بالإذعان يتبعه العمل الصالح حتما لا يتخلف عنه وهذا برهان على ما قلناه في تفسير الآية السابقة {وأقاموا الصلوات} التي تذكر المؤمن بالله تعالى فتزيد في إيمانه وحبه لربه ومراقبته له حتى تسهل عليه طاعته في كل شيء {وآتوا الزكاة} التي تزكي النفس من رذيلة البخل والحرص وتمرنها على أعمال البر حتى تسهل عليها ويكون ترك أكل أموال الناس بالربا أسهل. وذكر الصلاة والزكاة بعد الأعمال الصالحة التي تشملهما لأنهما أعظم أركان العبادة النفسية والمالية، فمن أتى بهما كاملتين سهل عليه كل عمل صالح... الآية تعريض بآكل الربا كأنه يقول لو كان من هؤلاء الذين آمنوا وعملوا الصالحات الخ، لكف عنه، ولكنه كفار أثيم وتمهيد لما بعدها...
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
وفي الصفحة المقابلة لصفحة الكفر والإثم، والتهديد الساحق لأصحاب منهج الربا ونظامه، يعرض صفحة الإيمان والعمل الصالح، وخصائص الجماعة المؤمنة في هذا الجانب، وقاعدة الحياة المرتكزة إلى النظام الآخر -نظام الزكاة- المقابل لنظام الربا: {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات، وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة لهم أجرهم عند ربهم، ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون}.. والعنصر البارز في هذه الصفحة هو عنصر "الزكاة". عنصر البذل بلا عوض ولا رد. والسياق يعرض بهذا صفة المؤمنين وقاعدة المجتمع المؤمن. ثم يعرض صورة الأمن والطمأنينة والرضى الإلهي المسبغ على هذا المجتمع المؤمن... إن الزكاة هي قاعدة المجتمع المتكافل المتضامن؛ الذي لا يحتاج إلى ضمانات النظام الربوي في أي جانب من جوانب حياته. وقد بهتت صورة "الزكاة "في حسنا وحس الأجيال التعيسة من الأمة الإسلامية التي لم تشهد نظام الإسلام مطبقا في عالم الواقع؛ ولم تشهد هذا النظام يقوم على أساس التصور الإيماني والتربية الإيمانية والأخلاق الإيمانية، فيصوغ النفس البشرية صياغة خاصة، ثم يقيم لها النظام الذي تتنفس فيه تصوراتها الصحيحة وأخلاقها النظيفة وفضائلها العالية. ويجعل" الزكاة "قاعدة هذا النظام، في مقابل نظام الجاهلية الذي يقوم على القاعدة الربوية. ويجعل الحياة تنمو والاقتصاد يرتقي عن طريق الجهد الفردي، أو التعاون البريء من الربا!... وليس المهم هو شكلية النظام. إنما المهم هو روحه. فالمجتمع الذي يربيه الإسلام بتوجيهاته وتشريعاته ونظامه، متناسق مع شكل النظام وإجراءاته، متكامل مع التشريعات والتوجيهات، ينبع التكافل من ضمائره ومن تنظيماته معا متناسقة متكاملة. وهذه حقيقة قد لا يتصورها الذين نشأوا وعاشوا في ظل الأنظمة المادية الأخرى. ولكنها حقيقة نعرفها نحن -أهل الإسلام- ونتذوقها بذوقنا الإيماني. فإذا كانوا هم محرومين من هذا الذوق لسوء طالعهم ونكد حظهم -وحظ البشرية التي صارت إليهم مقاليدها وقيادتها- فليكن هذا نصيبهم! وليحرموا من هذا الخير الذي يبشر الله به: الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة.. ليحرموا من الطمأنينة والرضى، فوق حرمانهم من الأجر والثواب. فإنما بجهالتهم وجاهليتهم وضلالهم وعنادهم يحرمون! إن الله -سبحانه- يعد الذين يقيمون حياتهم على الإيمان والصلاح والعبادة والتعاون، أن يحتفظ لهم بأجرهم عنده. ويعدهم بالأمن فلا يخافون. وبالسعادة فلا يحزنون:... {لهم أجرهم عند ربهم، ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون}.. في الوقت الذي يوعد أكلة الربا والمجتمع الربوي بالمحق والسحق، وبالتخبط والضلال، وبالقلق والخوف. {و لقد] شهدت البشرية ذلك واقعا في المجتمع المسلم؛ وتشهد اليوم هذا واقعا كذلك في المجتمع الربوي! ولو كنا نملك أن نمسك بكل قلب غافل فنهزه هزا عنيفا حتى يستيقظ لهذه الحقيقة الماثلة؛ ونمسك بكل عين مغمضة فنفتح جفنيها على هذا الواقع.. لوكنا نملك لفعلنا.. ولكننا لا نملك إلا أن نشير إلى هذه الحقيقة؛ لعل الله أن يهدي البشرية المنكودة الطالع إليها.. والقلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن. والهدى هدى الله [يهدي إليه من يشاء]...
زهرة التفاسير - محمد أبو زهرة 1394 هـ :
ابتدأ سبحانه ببيان الأطهار في مالهم وأنفسهم فقال سبحانه: [إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة] ذكر سبحانه ذلك الصنف الفاضل الذي جعله الله تعالى من صفوة عباده، فوصفه بأربع صفات، هي: الإيمان.. والعمل الصالح.. وإقامة الصلاة.. وإيتاء الزكاة.
أما الوصف الأول فهو الإيمان، فهو نور القلب به يشرق وبه يهتدي، وإذا قوي الإيمان تطهرت النفس من كل أدران الهوى ومقاصد السوء.
وذكر القرآن الإيمان في أول أوصاف الأبرار لثلاثة أمور:
أولها: إن الإيمان بالله ورسوله إذا استغرق النفس، واستولى على القلب وجد الإخلاص للناس وطلب الحق، فاتجه الإنسان بكل جوارحه إليه؛ والإخلاص هو النور الذي يهتدي به الإنسان ويحميه من كل حيرة.
و ثانيها: إن الإيمان الذي هو الوصف الثابت للمؤمنين هو والربا نقيضان لا يجتمعان، فما من شخص يأكل الربا أو يبيحه إلا كان منشأ ذلك نقصا في إيمانه، واضطرابا في يقينه، إذ يكون إيمانه بالمال أكثر من إيمانه بالله.
و ثالثها: إن الإيمان يتضمن معنى الإذعان للحق، ومن ادعى الإيمان ولم يذعن للحق، فقد جافى حقيقته...
من أجل هذه المعاني صدرت أوصاف الذين لا يأكلون الربا بوصف الإيمان...
و الوصف الثاني من أوصاف الذين لا يأكلون الربا: هو العمل الصالح، والعمل الصالح هو كل عمل فيه خير للمجتمع الذي يعيش فيه المؤمن، يبتدئ فيه بالأسرة: الأقرب فالأقرب، ثم بالجيران: الأدنى فالأدنى، ثم بالعشيرة كلها، ثم بقومه، ثم بأمته...
و الوصف الثالث: إقامة الصلاة، أي الإتيان بها مقومة غير معوجة بحيث يستذكر فيها المصلي ربه، ولا يسهو فيها عن ذكره سبحانه، وما ذكرت الصلاة في مقام المدح للمصلين إلا ذكرت بالإقامة، لأن إقامتها هي التي تهذب النفس، وتبعدها عن الفواحش والمنكرات، كما قال تعالى: {إن الصلاة تنهي عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر} (العنكبوت 45)...
و الوصف الرابع من أوصاف المؤمنين إيتاء الزكاة، والزكاة هي الفريضة الاجتماعية التي فرضها الله سبحانه وتعالى، وبها يأخذ ولي الأمر من مال الغني ما يسد به حاجة الفقير، فهي قدر معلوم قدره الشارع الحكيم، بحيث يأخذه من مال الغني قسرا أو اختيارا، وذكر الله سبحانه وتعالى في هذه الجملة أولئك الذين يؤتون الزكاة طواعية واختيارا، فهم يعطونها محتسبين النية معتقدين أن الزكاة مغنم لهم ومطهرة لأموالهم، وليست مغرما لهم، ولا منقصة لأموالهم. وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن المسلمين بخير ما حسبوا الزكاة مغنما، ولم يحسبوها مغرما، ولقد قال تعالى: {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها} (التوبة 103)... و ذكرت الزكاة في هذا المقام؛ لأنها مقابلة للربا... ولقد تلونا فيما سبق قول الله تعالى: {وما آتيتم من ربا ليربو في أموال الناس فلا يربو عند الله وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون} (الورم 39)...
{لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون} هذا جزاء الذين يؤمنون، ويعملون العمل الصالح في سبيل النفع، ويطهرون نفوسهم بالصلاة، ويطهرون أموالهم بالزكاة.
وقد ذكر سبحانه وتعالى لهم أنواعا ثلاثة من الجزاء.
أولها: الأجر، وهو عوض ما قاموا به من خير، واعتبر إنعامه عليهم بأضعاف ما صنعوا أجرا وعوضا وهو المنعم المتفضل، حثا على فعل الخير، وتعليم الناس الشكر، ومقابلة الخير بالخير.
و الثاني من أنواع الجزاء: الأمن وعدم الخوف، فلا مزعج يزعج فاعل الخير، إذ إنه بالعمل للنفع العام، وتطهير النفس، وإعطاء الفقير حقه المعلوم قد وقى نفسه ووقى مجتمعه من ذرائع الفتن ونوازع الشر؛ هذا في الدنيا؛ أما في الآخرة، فالأمن من عذاب الله تعالى.
و الجزاء الثالث: أنهم لا يحزنون، وذلك لأنهم باستقامة قلوبهم، وامتلائها بالإيمان وتهذيب أرواحهم وأدائهم ما عليهم من واجب في حق أنفسهم ومجتمعهم، قد حصنوا أنفسهم من أسباب الهم والغم، فلا ييأسون على ما يفوتهم، ولا يجزعون لما يصيبهم؛ لأن نفوسهم... تعلو عن متنازع الأهواء التي تملأ النفس بأسباب الهم والغم.
و إن ذكر هذه الأحوال في مقام مقابل لحال الربويين الذين لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس، له مغزاه ومعناه، إذ فيه بيان للنعيم في مقابل الجحيم، وللراحة والاطمئنان، في مقابل الجزع والاضطراب، وكل امرئ بما كسب رهين...
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :
مقابل المرابين الآثمين الكافرين بأنعم الله، هناك أُناس من المؤمنين تركوا حبّ الذات، وأحيوا عواطفهم الفطرية، وارتبطوا بالله بإقامة الصلاة، وأسرعوا لمعونة المحتاجين بدفع الزكاة، وبذلك يحولون دون تراكم الثروة وظهور الاختلاف الطبقي المؤدّي إلى الكثير من الجرائم. هؤلاء ثوابهم محفوظ عند الله ويرون نتائج أعمالهم في الدنيا والآخرة. ثمّ إنّ هؤلاء لا يعرفون القلق والحزن، ولا يهدّدهم الخطر الذي يتوجّه إلى المرابين من قبل ضحاياهم في المجتمع. وأخيراً فإنّهم يعيشون في اطمئنان تام "ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون"...