جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَوُاْ ٱلزَّكَوٰةَ لَهُمۡ أَجۡرُهُمۡ عِندَ رَبِّهِمۡ وَلَا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ} (277)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ إِنّ الّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصّالِحَاتِ وَأَقَامُواْ الصّلاَةَ وَآتَوُاْ الزّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ }

وهذا خبر من الله عزّ وجلّ بأن الذين آمنوا ، يعني الذين صدقوا بالله وبرسوله ، وبما جاء به من عند ربهم من تحريم الربا وأكله وغير ذلك من سائر شرائع دينه ، وعملوا الصالحات التي أمرهم الله عزّ وجلّ بها ، والتي ندبهم إليها وأقاموا الصلاة المفروضة بحدودها ، وأدّوها بسننها ، وآتوا الزكاة المفروضة عليهم في أموالهم ، بعد الذي سلف منهم من أكل الربا ، قبل مجيء الموعظة فيه من عند ربهم ، لهم أجرهم ، يعني ثواب ذلك من أعمالهم وإيمانهم وصدقتهم عند ربهم يوم حاجتهم إليه في معادهم ، ولا خوف عليهم يومئذٍ من عقابه على ما كان سلف منهم في جاهليتهم وكفرهم قبل مجيئهم موعظة من ربهم من أكل ما كانوا أكلوا من الربا بما كان من إنابتهم ، وتوبتهم إلى الله عزّ وجلّ من ذلك عند مجيئهم الموعظة من ربهم ، وتصديقهم بوعد الله ووعيده ، ولا هم يحزنون على تركهم ما كانوا تركوا في الدنيا من أكل الربا والعمل به إذا عاينوا جزيل ثواب الله تبارك وتعالى ، وهم على تركهم ما تركوا من ذلك في الدنيا ابتغاء رضوانه في الاَخرة ، فوصلوا إلى ما وعدوا على تركه .