السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَوُاْ ٱلزَّكَوٰةَ لَهُمۡ أَجۡرُهُمۡ عِندَ رَبِّهِمۡ وَلَا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ} (277)

{ إنّ الذين آمنوا } بالله وبرسوله ربما جاء لهم عنه { وعملوا الصالحات وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة } وإنما عطفهما على ما يعمهما لشرفهما { لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم } من آت { ولا هم يحزنون } على فائت وتقدّم مثل هذه الآية ولكن جرت عادة الله سبحانه وتعالى في القرآن مهما ذكر وعيداً ذكر بعده وعداً ، فلما بالغ هنا في وعيد الربا أتبعه بهذا الوعد .

فإن قيل : إن الإنسان إذا بلغ عارفاً بالله وقبل وجوب الصلاة والزكاة عليه مات فهو من أهل الثواب بالاتفاق ، فدل على أن استحقاق الثواب لا يتوقف على حصول العمل أجيب : بأنه تعالى إنما ذكر هذه الخصال لا لأجل أن استحقاق الثواب مشروط بهذا بل لأجل أن لكل منهما أثراً في جلب الثواب كما قال تعالى في ضد هذا { والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر } ( الفرقان ، 68 ) ثم قال تعالى : { ومن يفعل ذلك يلق أثاماً } ومعلوم أنّ من ادعى أنّ مع الله إلهاً آخر لا يحتاج في استحقاقه العذاب إلى عمل آخر وإنما جمع الله تعالى الزنا وقتل النفس مع دعاء غير الله تعالى إلهاً لبيان أنّ كل واحد من هذه الخصال يوجب العقوبة .